للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفَصْلُ الثَّانِي

أعمال الأمراء الأمويين في تثبيت السلطة والاستقرار

ابتدأ عهد الإمارة في الأندلس بانتصار عبد الرحمن بن معاوية في معركة المصارة، ولم تعد الأندلس تتبع الخلافة الإسلامية في المشرق كما كانت في عهد الولاة. بل أصبحت إمارة مستقلة سياسياً حكمها عبد الرحمن وذريته من بعده. وكان كل واحد من حكامها يسمى أميراً. أما عبد الرحمن، فقد لقب ب (الداخل)، لأنه أول من دخل الأندلس وحكمها من بني أمية. كما يعرف أيضاً باسم عبد الرحمن الأول، تمييزاً له عن أميرين آخرين حكما الأندلس باسم عبد الرحمن، وهما عبد الرحمن الثاني أو الأوسط، وعبد الرحمن الثالث الناصر لدين الله. أما من الناحية الروحية، فقد استمر عبد الرحمن الأول لفترة قصيرة من الزمن بالخطبة والدعاء للعباسيين في المشرق، لكنه لم يلبث أن قطع الدعاء لهم، بعد أن أشار عليه عبد الملك بن عمر المرواني بذلك. وذكره بسوء صنيع العباسيين ببني أمية. ويذكر المقري أن عبد الرحمن تردد أول الأمر، لكنه قطع الدعاء حين هدده المرواني المذكور بالانتحار إذا لم يقطع الخطبة للخليفة أبو جعفر المنصور، فقطعها عبد الرحمن بعد أن خطب باسمه عشرة أشهر (١).

ولكن عبد الرحمن وإن كان قد قطع الخطبة للعباسيين، إلا أنه لم يلقب نفسه خليفة، واكتفى بأن أضاف إلى اسمه لقب (ابن الخلائف). ويعود السبب في عدم تلقبه بلقب خليفة، لأنه وخلفاءه كانوا يشعرون بأن الخلافة الإسلامية واحدة لا تتعدد، وأن الخليفة الشرعي للمسلمين، الملقب بأمير المؤمنين، لا يكون إلا لمن يملك الحجاز والشام والعراق، والمواطن التي هي ديار العرب ومراكز الدولة، وأهل الملة والفتح (٢). ويضيف


(١) المقري: ٣/ ٥٩؛ وانظر أيضاً: ابن حزم، نقط العروس، تحقيق: د. شوقي ضيف، مجلة كلية الآداب (جامعة القاهرة)، المجلد ١٣، العدد ٢، (١٩٥١)، ص ٧٥؛ الحلة السيراء؛ ١/ ٣٥؛ العبادي، في تاريخ المغرب والأندلس، ص ١٠٢.
(٢) ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون، نشر دار إحياء التراث العربي، بيروت، ص ٢٢٨؛ وقارن: =

<<  <   >  >>