للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفَصْلُ الأَوَّل

تاريخ الفكر العربي في الأندلس

بدأ العرب عملية فتح الأندلس في عام ٩٢ هـ، واستكمل فتحها عام ٩٥ هـ وبدأ العصر الإسلامي الأول فيها، والذي يعرف باسم عصر الولاة (٩٥ - ١٣٨ هـ). شهد هذا العصر كثيراً من الحملات العسكرية التي سارت إلى الشمال لإخضاع المتمردين الإسبان، أو العبور وراء جبال البرتات لوضع حد لهجوم الفرنجة، أو فتح أراضٍ جديدة وراء هذه الجبال.

وتميز هذا العصر بعدم الاستقرار السياسي بسبب المنازعات القبلية الكثيرة فيه، والذي أدى إلى تعاقب أربعة وعشرين والياً لحكم هذه الولاية (١)، فأدى هذا الأمر إلى عدم استقرار المجتمع الأندلسي في هذا العصر، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن أكثر الداخلين إلى الأندلس في هذه الفترة كانوا جنوداً وحكاماً، اهتموا بالأمور السياسية والعسكرية بالدرجة الأولى.

ومع ذلك فقد عرفت الأندلس في عصر الولاة نوعاً من الثقافة، كانت اللبنة الأولى لبناء صرح حضارة العرب فيها. فقد دخل الأندلس في فترة الولاة مجموعة من الصحابة والتابعين، رافقوا عمليات الفتح أو بعدها (٢)، وكان واجبهم الأول بعد الجهاد تفقيه الناس بأمور الدين، وتخطيط المساجد في أمهات المدن الأندلسية المفتوحة، والتركيز على علوم الدين واللغة أولاً (٣). ويبدو لنا أن أماكن التعليم في هذا العصر كانت لا تتجاوز حلقات المساجد أولاً، والكتاتيب التي ورد لها ذكر في أواخر عصر الولاة ثانياً (٤).


(١) هيكل، الأدب الأندلسي، ص ٥٨ - الحجي، المرجع السابق، ص ٢٠٧ وما بعدها.
(٢) ينظر، المراكشي، المعجب، ص ١٩ - ١٠ - المقري، نفح الطيب، ج ٢، س ٥١ وما بعدها - هيكل، المرجع السابق، ص ٦٠ - ٦١ - الحجي، المرجع السابق، ص ١٤٩ وبعدها.
(٣) صاعد، طبقات الأمم، ص ٦٢.
(٤) كريم عجيل حسين، الحياة العلمية، ص ٢٠٨، ص ٢٢٣.

<<  <   >  >>