للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقد على موسى لهذا السبب، فاضطهده، واتهمه باختلاس الأموال، وصادر أمواله، وفرض عليه غرامة مالية كبيرة (٧٩). ومع هذا، فلا يمكن للمرء أن يصدق أن سبب غضب سليمان على موسى، كان له علاقة بهذه المسألة الشخصية، فهو يعود بالدرجة الأولى إلى سياسة موسى بن نصير أثناء فتح الأندلس، وتباطئه في إطاعة أوامر الخلافة.

ويدل على هذا الأمر أن الخليفة الوليد نفسه لم يقابله مقابلة حسنة للسبب ذاته (٨٠).

وعلى أية حال، فإن علاقة سليمان تحسنت مع موسى إلى درجة كبيرة فيما بعد، حتى أنهما ذهبا سوية لأداء فريضة الحج. وقد توفي موسى في الحجاز عام ٩٧هـ أو ٩٨هـ/ ٧١٥ م أو ٧١٦ م (٨١). ولا تتوفر لدينا معلومات عن طارق بن زياد بعد وصوله إلى دمشق باستثناء أن الخليفة سليمان أراد أن يعينه والياً على الأندلس، لكنه عدل عن هذه الفكرة، متأثراً بنصيحة مغيث الرومي الذي أثار مخاوف الخليفة من نفوذ طارق واحتمال استقلاله بالأندلس (٨٢). وهكذا غلف الصمت والغموض نهاية طارق الذي يعد، هو وقائده، موسى بن نصير مِن أعظم مَن أنجبتهما الأمة العربية الإسلامية من الفاتحين الذين ضربوا المثل في الشجاعة والحنكة السياسية والعسكرية. ولقد كان فتحهما وتحريرهما للأندلس بحق من معجزات قوة العرب والمسلمين الموحدة، والتي أنجزت في نحو أربع سنوات ما تعجز عنه الأمم في عشرات من السنين.


(٧٩) الرقيق، ص ٩١؛ أخبار مجموعة، ص ٢٩ - ٣٠؛ ابن عذاري، ج ٢، ص ٢١.
(٨٠) المصدر نفسه، ج ٢، ص ٢١ - ٢٢؛ ابن عبد الحكم، ص ٢١٣.
(٨١) المصدر نفسه، ص ٢١٣؛ المقري، ج ١، ص ٢٨٧.
(٨٢) المصدر نفسه، ج ٣، ص ١٣.

<<  <   >  >>