للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنطقة. ويرى سافيدرا، ويؤيده في ذلك أحد المستشرقين البرتغاليين، أن عبد العزيز ابتدأ من هنا حملته لفتح وسط البرتغال، في الوقت الذي كان فيه موسى وطارق يقومان بفتوحاتهما في الشمال، ففتح عدة مدن، وعقد معاهدات صلح مع يابرة Evora، ولشبونة Lisbon وقلمرية Coimbra، وشنترين Santarem (٧٥) .

وصلت إلى دمشق أنباء فتوحات موسى بن نصير وعزمه على التوغل بعمق في شبه الجزيرة الآيبيرية، فلم يوافق الخليفة الوليد الأول على هذا المشروع، وخشي على أرواح المسلمين من العواقب التي يصعب التكهن بها نتيجة لتوغل موسى البعيد في أرض الأعداء. فأرسل لاستدعاء كل من موسى وطارق من دمشق، وقد تلكأ موسى بن نصير في تنفيذ الأمر، وذلك لاستكمال فتح المناطق الشمالية الغربية من البلاد. ولكن الخليفة أرسل رسولاً ثانياً يأمره بالتوقف والعودة حالاً إلى العاصمة. وتنفيذاً لهذا الأمر، عاد موسى وطارق، أما غالبية جنودهما ففضلوا البقاء في المدن والأرياف المفتوحة، حيث استقروا وأقاموا منازلهم (٧٦). وقبل رجوعه، عين موسى ابنه عبد العزيز والياً على الأندلس، وترك معه بعض القادة العرب من أمثال حبيب بن أبي عبيدة الفهري، وزياد ابن النابغة التميمي، وغيرهما مع رجال عشائرهم، ليدافعوا عن البلد ويحموه. وقد اختار موسى، أشبيلية عاصمة للبلاد، وذلك بسبب قربها من البحر، ومضيق جبل طارق، كما جعلها أيضاً قاعدة بحرية للدولة العربية الإسلامية في الأندلس (٧٧).

غادر موسى في ذي الحجة سنة ٩٥هـ/ أيلول ٧١٤ م، ومعه الشيء الكثير من الغنائم والأسرى والهدايا الثمينة. وتروي المصادر أنه حينما اقترب من فلسطين طلب منه الأمير سليمان بن عبد الملك أن يتريث قليلاً لحين وفاة الخليفة الوليد الذي كان مريضاً جداً، وذلك من أجل أن تؤول إلى سليمان الغنائم وشرف الفتح، ولكن موسى لم يقبل هذا، وواصل سيره إلى دمشق فبلغها والخليفة يحتضر (٧٨). وعندما تولى سليمان بعد أخيه


(٧٥) J. D Garcia Domingues, "Invasao e conquista de Lustania Por Muca Ben Nocair e
seu Filho "Abdalaziz" Congreso de Estudios Arabes e Islamicos, Actas, held,
Cordoba, ١٩٦٤, pp. ٢٢٤-٢٢٥.
(٧٦) المقري (برواية ابن حيان) ج ١، ص ٢٧٦.
(٧٧) نفس المصدر والمكان؛ أخبار مجموعة، ص ١٩؛ الرسالة الشريفية، ص ٢١٠.
(٧٨) ابن الكردبوس، ص ٥٠؛ ابن عذاري، ج ٢، ص ٢٠؛ المقري، ج ١، ص ٢٨٠ - ٢٨١.

<<  <   >  >>