للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد استعد المنصور لهذه الحملة استعداداً عالياً فقسم قواته إلى قسمين قوة الفرسان تحت قيادته، والقسم الآخر، ضم المشاة وما يلحق بهم حمل بحراً، والتقت القوتان عند نهر دويرة وبدأت القوات الأندلسية زحفها في أراضي جليقية مطهرة مناطق ومدناً عديدة في الطريق إلى الهدف شنت ياقب التي أشرفت عليها فألفتها خالية من القوات والسكان، فدخلتها وغنمت ما تهيأ من غنائم المدينة وهدت جميع تحصيناتها ومبانيها باستثناء ضريح (القديس يعقوب) الذي تنسب إليه المدينة فقد أمر المنصور بإعماره ورعايته وفي طريق العودة استسلمت له عدة مدن مشهورة منها مدينة كرونيا ومدينة لاميجو (٦٧).

وأمام هذه الانتكاسات التي أصابت الممالك الإسبانية الشمالية في الصميم، حاول حاكم قشتالة سانشو غرسية في سنة ٣٩٠ هـ معالجة حالة التردي هذه بتشكيل جبهة قتالية بزعامته ومساعدة أمراء البشكنس وملك ليون وتعاهدوا على المقاومة والثبات، وقاموا بأول عمل مضاد فسيروا قواتهم إلى وادي نهر دويرة الأدنى للتمكن من التحصن في الجبال، فسارع ابن أبي عامر على لقاء قوى التحالف واتجه إلى أراضي قشتالة ومنها نفذ إلى المنطقة التي تحصنت بها قوات المتحالفين، وهنا رأى سانشو أن خطة الهجوم المفاجئ قبل أن يثبت المنصور أقدامه على الأرض، تحقق له ولقواته وضعاً عسكرياً يحقق إنزال أفدح الخسائر بالجيش المقابل وفعلاً نجحت خطته، وكاد الأمر ينتهي لصالح القوات المتحالفة، لولا رد قوات المنصور بهجوم مقابل شديد شتت شمل فرق المتحالفين وأجبرهم على الارتداد والهزيمة، واستمر المنصور في تقدمه حتى وصل مدينة برغش عاصمة قشتالة واستباحها. وظلت قواته تكيل الضربات وفي اتجاهات مختلفة حتى طرقت بنبلونة عاصمة مملكة نافار، ولم تتمكن قوات هذه الممالك من صد الهجمات القاسية والمتلاحقة لقوات المنصور فأذعنت لأوامره وشروطه (٦٨).

٢ - سياسة المنصور ابن أبي عامر تجاه المغرب:

كانت سياسة الأندلس تجاه بلاد المغرب مركزية لا تتغير بتغيير الحكام وهي تقوم أساساً على اعتبار السواحل المقابلة للأندلس بمثابة حزام أمان للأندلس، يجب الحفاظ


(٦٧) ابن عذاري: ٢/ ٢٩٤ وما بعدها؛ عنان، دول الإسلام: ٢/ ٥٦٠ و ٥٦١.
(٦٨) ابن الخطيب، أعمال الاعلام: ٦٩.

<<  <   >  >>