للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقام على الخليفة المستعين يروم قمة السلطة بعد ما تقلب فيها أفراد هم في الحقيقة ليسوا أكثر كفاءة منه، وقد ساعدته على ذلك أسباب وعوامل منها:

١ - زعمه أن الخليفة هشام المؤيد ولاه العهد من بعده، وأظهر لإثبات ذلك كتاباً نسبه إلى الخليفة هشام، كان قد أرسله إليه خلال فترة حصار مدينة قرطبة من قبل المستعين وقواته (٣٠)، وعدّ ابن حمود ذلك الكتاب المزعوم كافياً لإضفاء الشرعية على خروجه ومطالبته بالخلافة (٣١).

٢ - تمزق وحدة البلاد، وانتشار السلطة بين قوى متعددة فسح المجال واسعاً لابن حمود لكي ينفذ ما كان يصبو إليه من الوصول إلى قمة السلطة، واستسلاب الخلافة (٣٢)، إضافة إلى كونه ينتمي إلى عائلة مشهورة، ويقود قبيلة من أقوى القبائل العربية البربرية وهي قبيلة زناتة.

٣ - وثمة عامل مساعد مهم هيأه له الخليفة المستعين عندما ولاه أمر المغرب العربي، وولى أخاه القاسم الجزيرة الخضراء، وقد تنبأ معظم المؤرخين بسوء هذه السياسة التي أمضاها المستعين دون مراجعة دقيقة (٣٣).

٤ - كسب ود جميع القوى المتعاطفة مع هشام المؤيد ومنهم الصقالبة ورئيسهم خيران المتغلب على مدينة المرية والذي كان يدعو للخليفة هشام المؤيد، ويناهض الخليفة المستعين (٣٤). وهكذا خلق ابن حمود الجو المناسب للقيام على الخليفة المستعين مع مساعدة الظروف له، فعبر من مدينة سبتة، ونزل الجزيرة الخضراء وسار بقواته ومن انضم إليه من زعماء الكور باتجاه العاصمة قرطبة، حيث التقى مع قوات المستعين في ظاهرها ودارت بين الطرفين معركة شديدة، خسرها المستعين، ودخل ابن حمود قرطبة في الثامن والعشرين من محرم سنة ٤٠٧ هـ تموز ١٠١٦ م.


(٣٠) ينظر: ابن عذاري: ١١٦. والنص: " أخرج كتاباً نسبه إلى هشام بن الحكم يقول فيه: أنقذني من أسر البرابر والمستعين وأنت ولي عهدي ". والمراكشي: ٤٤، والصوفي: ٢٣٧ والحاشية رقم (٢) والنص: " ويقول ابن الخطيب: يقال إن هشاماً المحجوب لما شعر بالهلاك خاطب ابن حمود بسبتة يستنصره ويقلده دمه والطلب بثأره ويفضي إليه بعهده ... ".
(٣١) الصوفي: ٢٣٧.
(٣٢) عنان: ٦٥٨.
(٣٣) ينظر: الهامش رقم (٢٩) فيما سبق.
(٣٤) ابن عذاري: ٣/ ١١٦؛ ابن الخطيب؛ أعمال الأعلام: ١٢٨.

<<  <   >  >>