للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وظل بنو مناد الصنهاجيون وبنو عباد في صراع وتسابق لكسب مناطق النفوذ فلما اضمحلت قوة الحموديين بدأت غرناطة تخطط لاحتلال مالقة في الوقت الذي بدأ معه ابن عباد الإعداد للسيطرة على الجزيرة الخضراء والتي دخلوها فعلاً سنة ٤٤٦ هـ/١٠٥٥ م بعد أن جلا عنها حاكمها القاسم بن حمود (٧٠)، وفي سنة ٤٤٨ هـ/١٠٥٦ م تمكن ابن حبوس من دخول مالقة منهياً حكم الحموديين في هذه المدينة أيضاً (٧١)، ولكن بني عباد وجدوا في احتلال مالقة من قبل قوات ابن حبوس تحدياً لهم، فأرسلوا قواتهم لاحتلالها ولكنهم بعد معركة عنيفة بين الطرفين سنة ٤٥٨ هـ/١٠٦٦ م خسر فيها الإشبيليون معظم جنودهم إلا من نجا بالفرار من الميدان (٧٢)، واستمر النزاع سجالاً بين الطرفين لسنوات أخرى، تبودلت فيها السيطرة على المناطق العديدة (٧٣)، مع فداحة خسائر الطرفين، وتعرض الكثير من مناطق الأندلس إلى الخراب والدمار.

ومع طول سنوات حكم باديس بن حبوس بلغت غرناطة في عهده كأقوى الدويلات القائمة آنذاك " إذ كانت تمتد من بسطة شرقاً حتى استجة ورنده غرباً، ومن بياسة وجيان شمالاً حتى البحر جنوباً " (٧٤)، وكانت هذه الدويلة مسؤولة عن حماية الدويلات والإمارات البربرية " وباديس هو الذي حصن مدينة غرناطة، وغدت منذ عهده من أهم قواعد الأندلس الجنوبية، وأنشأ قصبة غرناطة فوق أنقاض قلعتها القديمة وسميت باسمها القديم القلعة الحمراء ... وأنشأ له جيشاً قوياً مرابطاً من قومه صنهاجة وغيرهم، وبذل له المال الوفير، ووطد الدولة، ونظم مراتبها وعمالاتها " (٧٥).

وبعد وفاة باديس سنة ٤٦٥ هـ/١٠٧٣ م تولى أمر دويلة غرناطة حفيده عبد الله بن بلكين الذي كان حدثاً لم يقو على إدارة البلاد، ففقدت الدويلة ديمومتها واستقرارها وعاد بنو عباد يهاجمون أملاكها (٧٦)، مما أجبر عبد الله على محالفة ألفونسو السادس


(٧٠) ابن عذاري: ٣/ ٢٤٢.
(٧١) ابن الخطيب، الإحاطة: ١/ ٤٤٣.
(٧٢) ابن الخطيب، الإحاطة ١/ ٤٤٤.
(٧٣) في سنة ٤٥٨ سيطر ابن حبوس على قاعدة اركش، بناء على رغبة زعماء هذه القاعدة بعد أن عجزوا عن حمايتها أمام غارات بني عباد، وعاد بنو عباد ليسيطروا على القاعدة المذكورة ويمدوا نفوذهم على سائر منطفة شذونة. ينظر: دول الطوائف: ١٣٢.
(٧٤) عنان، دول الطوائف؛ ١٣٩.
(٧٥) عنان، المصدر السابق: ١٣٩.
(٧٦) سيطر بنو عباد على جيان سنة ٤٦٦ هـ وهي من أهم قواعد دويلة غرناطة الشمالية.

<<  <   >  >>