للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذه الفترة دخل الأندلس المذهب الشافعي، ويرجع دخوله إلى الفقيه قاسم بن محمد بن سيار القرطبي (توفي عام ٢٧٨ هـ) (٧٤). ونشطت كذلك مدرسة ابن مسرة في هذه الفترة، وما يليها من عصور، كما سنوضح ذلك. ونشطت العلوم الطبية في هذه الفترة، ومن أشهر الأطباء (ابن ملوكة النصراني) الذي كان يصنع الأدوية بنفسه، ويفصد العروق، وكذلك (إسحاق الطبيب) (٧٥).

أما عصر الخلافة الأندلسية ٣٠٠ - ٤٢٢ هـ، فهو عصر النضوج للعلوم والفكر الأندلسي، ونظراً لطول هذه الفترة أولاً، ولتسهيل دراسة الفكر الأندلسي خلال هذا العصر ثانياً، نقسم هذا العصر إلى ثلاثة أقسام: -

١ - فترة الخلافة ٣٠٠ - ٣٦٦ هـ وتولى الحكم فيها الخليفة الناصر ٣٠٠ - ٣٥٠ هـ وابنه الحكم المستنصر، ٣٥٠ - ٣٦٦ هـ.

٢ - فترة الحجابة ٣٦٦ - ٣٩٩ هـ وهي الفترة التي سيطر فيها الحاجب المنصور وأولاده على الخلافة الأندلسية.

٣ - فترة الفتنة، ٣٩٩ - ٤٢٢ هـ والتي أدت إلى قيام عصر الطوائف.

نهضت الحركة العلمية في فترة الخلافة ٣٠٠ - ٣٦٦ هـ نهضة شاملة، وكان من مظاهرها اتضاح الشخصية العلمية للأندلس واستقلالها. فقد شجع الناصر وابنه الحكم العلماء المشارقة القادمين إلى الأندلس وأغدقا عليهم العطاء. وكانوا قد جلبوا الكتب القيمة، وترجموا الكتب الأجنبية المهمة، وحثوا على التأليف والبحث في مختلف المجالات. فإذا كان الناصر قد أحسن استقبال الوافد أبي علي القالي وجعله مؤدباً لابنه الحكم، فإن الخليفة الحكم اشتهر بحبه للكتب، فقد كانت له مكتبة تضم ٤٠٠ ألف مجلد، وكان يحرص على اقتناء الكتب من أي مصدر (٧٦)، فلذلك نهضت الأندلس علمياً في شتى الميادين خلال هذه الفترة:

ففي مجال الترجمة، ترجم إلى العربية خلال هذه الفترة أهم كتابين: الأول كتاب هيروشيش المؤلف باللاتينية، والذي يحوي أخبار الروم في العصور القديمة وسير


(٧٤) ابن الفرضي، تاريخ، ج ١، ص ٣٥٥ - ٣٥٧ (رقم ١٠٤٩).
(٧٥) ابن جلجل، ص ٩٨ - ابن أبي أصيبعة، ص ٤٨٨.
(٧٦) صاعد الأندلسي، طبقات الأمم، ص ٦٦ - المقري، نفح، ج ١، ص ١٨٠، ص ١٨٦.

<<  <   >  >>