للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من قبل ينتظمون في صف واحد. وإذا كان الخليفة الناصر قد بدأ بسحق القبائل العربية وإضعاف قوتها، فإن الحاجب المنصور كمّل المهمة نهائياً (٢٠١).

كما أنه عمل على تصفية الصقالبة، وخصومه الآخرين، ولما توفي عام ٣٩٢ هـ كان عدد الفرسان المرتزقة عنده، والذين حارب بهم عشرة آلاف وخمسمائة، وفرسان الثغور مقارب من هذا العدد أيضاً (٢٠٢). واشتهر الحاجب المنصور بغزواته المتكررة إلى الشمال الإسباني، وزودتنا الروايات بالكثير من أسماء هذه الغزوات التي اعتمد فيها على قوة جيشه المرتزق، والتي لم يهزم في أحدها (٢٠٣).

وكان عدد الجيش المرابط يتضاعف وقت الصوائف بما ينضم إليه من صفوف المتطوعة، وقد بلغ عدد الفرسان في بعض الصوائف ستة وأربعين ألفاً، وكان عدد المشاة يتضاعف كذلك، وقد يبلغ المائة ألف أو يزيد. وكان المنصور يقتني الخيول لاستخدامها في الجهاد، ومطايا الركوب، ودواب الأحمال، وقد بلغت وحدها أربعة آلاف جمل خصصت لحمل الأمتعة والأثقال. وأما عن عدة الحرب، فقد كان المنصور يحتفظ بكميات عظيمة من الخيام والسهام والدروع، وعدد من المجانيق وغيرها من آلات الحصار (٢٠٤). ومما يؤثر عن علاقة المنصور بجيشه، أنه كان لقوة ذاكرته، يعرف كثيراً من جنده بالإسم، أو يعرف على الأقل كثيراً مما امتاز منهم خلال المعارك بالشجاعة، ويدعوهم إلى مائدته باستمرار عقب كل انتصار (٢٠٥).

خلال فترة الفتنة ٣٩٩ - ٤٢٢ هـ، وقع الصراع بين جند الأندلس الذين انقسموا إلى فريقين متصارعين، الأندلسيون في جانب، والبربر في جانب آخر. وقد لحق البربر خلال هذه الفترة أذى كبير، إلا أنهم استعادوا قواتهم ودخلوا قرطبة وسيطروا عليها عام ٤٠٣ هـ. وهناك ظاهرة أخرى في هذه الفترة هي استعانة بعض خلفاء هذه الفترة بالجند المرتزقة من نصارى الشمال الإسباني، الذين لعبوا دوراً كبيراً في أحداث هذه الفترة (٢٠٦).


(٢٠١) عنان، دولة الإسلام، ج ٢، ص ٥٣١.
(٢٠٢) ابن عذاري، البيان، ج ٢، ص ٢٨٦، ص ٣٠١.
(٢٠٣) العذري، نصوص عن الأندلس؛ ص ٧٤ وما بعدها.
(٢٠٤) ابن الخطيب، أعمال، ص ٩٩، ص ١٠١ - ١٠٢ - عنان، دولة الإسلام، ج ٢، ص ٥٧١.
(٢٠٥) عنان، دولة الإسلام، ج ٢، ص ٥٧٢.
(٢٠٦) السامرائي، علاقات، ص ٣٤ وما بعدها.

<<  <   >  >>