للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدين، وهو ما سجله عليهم ابن حزم في كتاباته، وكانت قصورهم المترفة الأنيقة تزدان بمجالس الشعر والأدب، وتحفل في الوقت نفسه بمجالس الأنس والطرب، والنساء والغلمان والخمر (٤٢٠)، وهذه أمور شغلت حيزاً كبيراً في آداب هذا العصر وشعره.

وكانت مجتمعات الطوائف المرهقة المنحلة تتأثر بهذه الروح الإباحية، وتميل إلى اقتناء المتعة المادية واللذة الحسية بمختلف ضروبها، وكان هذا الانحلال الشامل يجتاح يومئذ سائر طبقات المجتمع الأندلسي (٤٢١). ومع كل هذا فقد احتلت المرأة الأندلسية مكانة محترمة في عصر الطوائف، وألف فيها الأندلسيون الكتب مثل كتاب (طوق الحمامة في الألفة والأُلاّف) لابن حزم (٤٢٢). كما نالت نصيبها الوافر من العلوم والفنون والآداب (٤٢٣)، كولادة بنت الخليفة المستكفي مثلاً (٤٢٤).

وتمتعت الأندلس منذ انضوائها تحت سيادة المرابطين باستقرار سياسي وهدوء إجتماعي، فتحررت في ظل هذا العهد من كثير من المكوس والمغارم الظالمة التي فرضها ملوك الطوائف لإرضاء جشع ملوك الإسبان من جانب، وللإنفاق على قصورهم المترفة التي شهدت أنواع البذخ والإسراف (٤٢٥).

وقد شعر عامة الشعب الأندلسي في هذا العهد بنوع من التحسن المادي في حياته لأنهم انصرفوا إلى الأعمال السلمية، وإلى تحصيل أقواتهم في هدوء وسلام بينما حمل المرابطون مسؤولية الجهاد بالدرجة الأولى، وبذلك عم الرخاء والعيش الرغيد بلد الأندلس في عهد يوسف وإبنه علي (٤٢٦).

وليس من السهل بمكان تصور المكانة الاجتماعية للمرأة الأندلسية في العصر المرابطي، إذ أن الروايات التي أشارت لهذا الموضوع اهتمت فقط بمنزلة المرأة الصنهاجية والتي تمتعت بنصيب كبير من الحرية سمح لها بالتدخل في مناحي الحياة


(٤٢٠) ينظر ابن عبدون، في القضاء والحسبة، ص ٤٧.
(٤٢١) عنان، عصر الطوائف، ص ٤٢٤.
(٤٢٢) ينظر، الطاهر مكي، دراسات عن ابن حزم، ص ٢٢٤ وما بعدها.
(٤٢٣) سعد شلبي، البيئة الأندلسية، ص ٥٨.
(٤٢٤) المقري، نفح، ج ٥، ص ٣٣٦ وما بعدها - السامرائي، علاقات، ص ٤٥٩.
(٤٢٥) جرجي زيدان، تاريخ التمدن الإسلامي، ج ٥، ص ١٥٩ - ١٦١ - سعد شلبي، البيئة الأندلسية، ص ٥٤ - ٥٥.
(٤٢٦) ينظر، الحلل الموشية، ص ٥٩.

<<  <   >  >>