للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العصر أيضاً بإسلام بعض أمراء الإسبان، وبخاصة من مملكة قشتالة، حيث لجأ إلى الموحدين وأعلن إسلامه وتسمى باسم (أبو زكريا) وأصبح قائداً في الجيش الموحدي.

ووجد بالمقابل أن أحد أمراء الموحدين اعتنق المسيحية (٤٥٨). واضطهد خلفاء الموحدين يهود الأندلس، وخيرهم عبد المؤمن بن علي بين الموت أو الهجرة إلى الشمال الإسباني أو الإسلام. فأسلم منهم طائفة ولحقت أخرى بدار الحرب (الشمال الإسباني)، وشمل الأمر المسيحيين كذلك (٤٥٩). وهذا يدل على سياسة متعصبة تنافي سماحة تعاليم الإسلام وموقفه من أهل الذمة. كما أجبر الخليفة أبو يوسف يعقوب (٥٨٠ - ٥٩٥ هـ) يهود المغرب على التحلي بزي خاص، يميزهم عن غيرهم (٤٦٠). ومن الطبيعي أن ينسحب هذا الأمر على ولاية الأندلس الموحدية.

وعلى كل حال فإن النصارى في الأندلس كانوا أكثر حرية من اليهود، فلم يميزوا بلباس معين، كما أن الشعب الأندلسي يحس تجاههم بروابط عريقة لا يمكن أن يقارن بموقفه من اليهود (٤٦١).

وفي عصر مملكة غرناطة، فإن العناصر السكانية في المجتمع النصري تتألف من العرب والبربر وبعض الجاليات الإسلامية التي وصلت الأندلس قادمة من الهند وخراسان وإيران وسكنت ضواحي غرناطة (٤٦٢). وهذه العناصر تشكل طائفة المسلمين بالمملكة.

وسادت في هذه المملكة موجة الاعتزاز بالعروبة وبالانتماء إلى قبائلها وخصائصها (٤٦٣).

وحظي المسيحيون برعاية هذه المملكة وحمت الكثير من سكان الشمال الإسباني الذين لجأوا إليها واعتنق قسمٌ منهم الإسلام. كما سهلت هذه المملكة للمسيحيين الإسبان حرية التجارة (٤٦٤). وبالإضافة إلى هؤلاء وجد الأسرى الذين كثر وجودهم في مملكة غرناطة بسبب حروب الجهاد. وقسم من هؤلاء الأسرى اعتنق الإسلام فعرف هؤلاء بالمرتدين، وقد لاقوا الأمرين بعد سيطرة الإسبان على مدن هذه الدولة (٤٦٥).


(٤٥٨) أبو رميلة، علاقات، ص ٤٦٣ - ٤٦٤.
(٤٥٩) ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج ٥، ص ٢٨١.
(٤٦٠) المراكشي، المعجب، ص ٣٨٣.
(٤٦١) السعيد، الشعر، ص ٥٣، ص ٥٨.
(٤٦٢) ينظر، ابن بطوطة، الرحلة، ج ٢، ص ٧٦٩.
(٤٦٣) ينظر، المقري، نفح، ج ١، ص ٤٤٧ - ج ٥، ص ٧، ص ١٦، ص ٤٧٩.
(٤٦٤) فرحات، غرناطة، ص ١٠٨، ص ١١٠.
(٤٦٥) أيضاً، ص ١١٢.

<<  <   >  >>