للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أزشُذُونَة Archidona، قاعدة كورة رية، أن يخلع يوسف الفهري ويخطب لعبد الرحمن بن معاوية، وذلك في اليوم الأول لعيد الفطر (سنة ١٣٨ هـ/٨ آذار ٧٠٦ م) الذي صادف دخول الأمير إلى هذه المدينة، فكانت هذه أول خطبة باسم عبد الرحمن على منابر الأندلس. وقد أيد كل أهالي أرشذونة هذا القرار وأقسموا يمين الولاء للأمير الجديد (٢١). وأقام عبد الرحمن ومواليه نحو عشرين يوماً في رية، أرسلوا خلالها مبعوثاً إلى عبد الرحمن بن عوسجة، زعيم البربر في منطقة تاكُرنا (إقليم رندة الحالية). وقد وافق الأخير على تأييد عبد الرحمن، وقدم أربعمئة فارس بربري من موالي الأمويين من بني الخليع في تاكُرنا فالتحقوا بقوات عبد الرحمن. وكان هؤلاء الموالي من موالي يزيد ابن عبد الملك، فأصبحوا في ولاء عبد الرحمن. إن هذه الجماعة من البربر، والجماعات البربرية الأخرى التي أيدت قضية عبد الرحمن بن معاوية، كانوا جميعاً يعملون بالتنسيق مع اليمنيين، لأنهم اعتقدوا بأن التعاون مع العشائر اليمنية المعتدلة من أجل تغيير النظام في الأندلس سوف يعمل بالتأكيد على تحسين الوضع لصالحهم. فقد تأثرت ممتلكات البربر وحيازتهم للأرض، كما هو الحال بالنسبة لليمنيين أيضاً، بإجراءات الصميل وسيطرته المطلقة على البلاد. ولكن من الناحية الأخرى، ساندت جماعات أخرى من البربر يوسف والصميل. وكان هؤلاء، بطبيعة الحال، حلفاءهم المنتفعين الذين فضلوا -مثلهم في هذا مثل الشاميين في جندي جيان والبيرة- استمرار الوضع القائم (٢٢).

وصل عدد مؤيدي عبد الرحمن إلى نحو ألفي فارس حينما غادر رية إلى شذونة. وفي هذه الكورة الأخيرة انضم إليه عدد كبير من البربر من قبيلة مغيلة، وهم من بني الراس. وقد رحب قادة جند فلسطين، الذين كانوا مستقرين بهذه الكورة، بعبد الرحمن وأيدوه. ومن شذونة أرسل الموالي إلى جند حمص في إشبيلية، وإلى بقية المستقرين في غرب البلاد، يخبرونهم بمسيرتهم إليهم. وبعد أن جاء رد هؤلاء بالموافقة، توجه عبد الرحمن ومواليه وأنصاره إلى إشبيلية. وقد مروا في طريقهم بمورور، التي كانت مقراً للعديد من البربر الذين دخلوا مع زعيمهم، إبراهيم بن شجرة البرنسي، في طاعة عبد الرحمن. وعندما وصل الأمير الأموي إلى إشبيلية، رُحب به من قبل اليمنيين الشاميين والبلديين على حد سواء. وقد استقبله سادة هذه المنطقة، وعلى رأسهم أبو


(٢١) ابن القوطية، ص ٢٥.
(٢٢) قارن: عبد الواحد طه، الفتح والاستقرار، ص ٤٢٦.

<<  <   >  >>