للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فردًا فقدماها، وكان المأمون على كل شيء صاحب خبر، فاستدعاه، فلما دخل عليه قال: مَنْ أَعَزُّ الناس؟

قال: لا أعرف أعز من أمير المؤمنين، فقال: بل من إذا نهض تقاتل على تقديم نعليه وليا عهد المسلمين حتى رضي كل واحد منهما أن يقدم له فردًا … إلى أن قال: وما وضع ما فعلاه من شرفهما، بل رفع من قدرهما، فليس يكبر الرجل وإن كان كبيرًا عن ثلاث: عن تواضعه لسلطانه، ووالده، ومعلمه العلم (١).

قال أحمد بن حمدون:

دخل هارون بن زياد مؤدب الواثق إليه، فأكرمه، فقيل له: من هذا؟

فقال: هذا أول من فتق لساني بذكر الله، وأدناني من رحمة الله (٢).

ومما سبق يُعلَم أنَّ الأدب صفة ملازمة للمؤدبين أصحاب الخلق السامي، والأدب الرفيع في كل وقت، وفي كل مكان، وعلى أي حال سواء كانوا من عامة الناس، أو من طلبة العلم، بل حتى وإن كانوا من الخلفاء أو العلماء.


(١) تاريخ بغداد (١٦/ ٢٢٦)، إنباه الرواة عن أنباه النحاة للقفطي (٤/ ١٧) ط دار الفكر، المنتظم (١٠/ ١٧٩).
الفراء = العلامة النحوي أبو زكريا يحيى بن زياد، قال ثعلب: لولا الفراء لما كانت عربية، توفي سنة ٢٠٧ هـ.
(٢) تاريخ بغداد (١٦/ ٢٥)، تاريخ دمشق (٧٣/ ٣٢٤)، البداية والنهاية لابن كثير (١٤/ ٣٢٩) ط دار هجر.

<<  <   >  >>