للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يعجب له المتأمل في ذلك بقاء ابن وارة حتى ضرب خمسين ضربة؛ لعله بذلك ينال العلم، فمع إنكار الشاذكوني عليه، وتعنيفه له، وضربه خمسين ضربة، ومع كل ذلك كان جالسًا يأمل أن يُعَوَّض عن كل ذلك العلمُ.

فياأسفاه!! على بعض طلبة العلم في زماننا ممن لم يسئ لهم أهل العلم، ولم يزجروهم أو ينهروهم بحيدهم عن الأدب، بل يتلطفون لهم، ويرفقون بهم، ومع كل ذلك لم يسلم أهل العلم من لسانهم.

فأهل العلم لهم الله في زمان قل فيه الأدب، وكثر فيه الجهل، وما عليهم إلا تحمل جهل الجاهل حتى يتعلم، وسوء أدب المسيء حتى يتأدب.

فلله درهم، وإعانة الله لهم.

يقول الأصبهاني: حضرت شريكًا وأتاه ابن المهدي أي الخليفة فجلس بجوار الحائط، وسأله سؤالًا فلم يرد عليه شريك، فسأله مرة ثانية فلم يرد عليه، ثم الثالثة فلم يرد عليه، فقال: أراك تستخف بأبناء الخلفاء، فقال له: كلا. ولكن العلم أزين أن تضيعوه، قال: فقام فجلس بين يديه، فقال له شريك: هكذا يُطلب العلم (١).


(١) تذكرة السامع والمتكلم لابن جماعة (ص ٩٩) ط دار البشائر.

<<  <   >  >>