للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الإمام مالك :

وجَّهَ إليَّ هارون الرشيد يسألني أن أحدثه، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنَّ العلم يؤتي ولا يأتي، قال: فصار إلى منزلي فاستند معي إلى الجدار، فقلت: يا أمير المؤمنين إنَّ من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم، قال: فجلس بين يدي، قال: فقال لي بعد مدة: يا أبا عبد الله، تواضعنا لعلمك فانتفعنا به (١).

وهذا دليل على أهمية الأدب، فما كانوا يفرقون في هذا الباب بين خليفة، وعالم، ومتعلم إذا حاد عن الأدب.

ومن ذلك أيضًا:

أنهم كانوا يعدون مجرد الانشغال عن الشيخ في دروس العلم من سوء الأدب يُعاقَب صاحبه عليه، وأعظم عقاب يُعاقَب به طالب العلم هو بحرمانه من العلم.

عن أحمد بن سنان قال:

كان عبد الرحمن بن مهدي لا يُتَحَدَّث في مجلسه، ولا يُبْرَى فيه قلم، ولا يَبْتَسِم أحدٌ فإن تحدث، أو برى قلمًا صاح، ولبس نعليه، ودخل (٢).


(١) الحث على طلب العلم للعسكري (ص ٨٤) ط المكتب الإسلامي.
هارون الرشيد = هو الخليفة أبو جعفر هارون بن المهدي، كان من أنبل الخلفاء، وأحشم الملوك، توفي سنة ١٩٣ هـ.
(٢) الجامع لأخلاق الراوي (١/ ١٩٣)، تاريخ دمشق لابن عساكر (٦٣/ ٩٨)، سير أعلام النبلاء (٩/ ١٥٤).
عبد الرحمن بن مهدي = هو الإمام الناقد المجود أبو سعيد عبد الرحمن بن مهدي بن حسان البصري، قال ابن المديني: أعلم الناس بالحديث عبد الرحمن بن مهدي. قال الشافعي: لا أعلم له نظيرًا في هذا الشأن، توفي ١٩٨ هـ.

<<  <   >  >>