وكان بعضهم يعد مجرد السؤال عن أهل العلم لمن ليس أهلًا لذلك من سوء الأدب، قال أبوبكر بن الأثرم، سمعت أحمد بن حنبل، فسئل عن إسحاق بن إسماعيل، فقال: ما أعلم إلا خيرًا إلا إنه … ثم قال - وهو مغتاظ -: مَالَكَ أنت - ويحك - ولذكر الأئمة (١).
وهذا دليل أنَّ مجرد السؤال عن أهل العلم وأخطائهم لا يكون لكل أحد، بل هو لأهل الاختصاص منهم، فضلًا أن يكون التجريح والحكم بالخطأ والصواب، فهذا من باب أولى يكون للعلماء والمختصين، ولا يكون كما يقولون: لكل مَنْ هَبَّ ودَبَّ.
ومن ذلك أيضًا:
أنه لما شرع شمس الدين الجوهري ﵀ في طلب العلم طاف على أكابر علماء بلده، فلم يعجبه منهم أحد حتى جاء إلى شيخ الإسلام يحيى المناوي، فجلس بين يديه، وفي ظنه أنه يلحقه بمن تقدم، فشرع في القراءة، فتأمل الشيخ فوجد أصبعًا من أصابع رجله مكشوفًا، فانتهره، وقال له: بحال أنت قليل الأدب، لا يجيء منك في الطلب، غَطِّ أصبعك، واستعمل الأدب، فحُمَّ لوقته، وزال عنه ما كان
(١) تاريخ بغداد (٧/ ٣٤٨)، تهذيب الكمال (٣/ ٤١٠)، تهذيب التهذيب لابن حجر (١/ ٢٢٦) ط دائرة المعارف. إسحاق بن إسماعيل هو الطالقاني أبو يعقوب.