مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} أي: يطلبون بذلك مزيد نعم الله عليهم ورضوانه عنهم، {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} علامتهم يوم القيامة أن تكون مواضع سجودهم أشد بياضاً، {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ} يعني: أن ما ذكر من وصفهم هو عين ما وصفوا به في التوراة، وكذلك {فِي الْإِنْجِيلِ} أي: فراخه... {فَآزَرَهُ} فاشتد وأعانه فغلظ ذلك الزرع فقام على ساقه وأصوله حتى بلغ الغاية، قال الواحدي: هذا المثل ضربه الله تعالى بمحمد وأصحابه، فالزرع محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - والشطأ أصحابه والمؤمنون حوله، وكانوا في ضعف وقلة كما يكون أول الزرع ثم قوى بعضهم بعضاً، {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} أي: في ذلك غيظ الكفار بكثرة المؤمنين واتفاقهم على الطاعة (١).
قال ابن الجوزي: قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ} فيهم ستة أقوال: أحدها: أنهم الذين صلوا إلى القبلتين مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، قاله أبو موسى الأشعري، وسعيد بن المسيب، وابن سيرين، وقتادة. والثاني: أنهم الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بيعة الرضوان، وهي الحديبية، قاله الشعبي. والثالث: أنهم أهل بدر، قاله عطاء بن أبي رباح. والرابع: أنهم جميع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، حصل لهم السبق بصحبته. قال محمد بن كعب القرظي: إن الله قد غفر لجميع أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - وأوجب لهم الجنّة محسنهم ومسيئهم في قوله تعالى:
(١) تفسير مختصر مجمع البيان، وانظر: جامع الجوامع، من وحي القرآن (سورة الفتح: ٢٩).