للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ} يعني: المدينة حيث سكنها الأنصار قبل المهاجرين، أو قبل إيمان المهاجرين وهم أصحاب ليلة العقبة سبعون رجلاً بايعوا رسول الله على حرب الأبيض والأحمر، {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ} وقد أحسنوا إلى المهاجرين، وأسكنوهم دورهم، وأشركوهم في أموالهم، ولا يجدون في قلوبهم حسداً ولا غيظاً مما أعطي المهاجرون دونهم من مال بني النضير، {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} أي: مع فقرهم وحاجتهم {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} أي: ومن يدفع بخل نفسه {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨)} الناجحون الفائزون بثواب الله) (١).

وقال محمد السبزواري النجفي:

{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} الذين تركوا مكة وقصدوا المدينة هجرة نبيهم - صلى الله عليه وآله وسلم - ومن دار الحرب إلى دار السلام، وهم {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} التي كانوا يملكونها

{يَبْتَغُونَ} يطلبون.. {فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} راغبين بفضله ورضاه ورحمته.. {وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ} أي: يهاجرون نصرة لدينه وينصرون.. {وَرَسُولِهِ} بتقويته على أعدائه {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥)} فعلاً؛ لأنهم قصدوا نصر الدين، واستجابوا لله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - وبعد أن مدح أهل مكة وغيرها من المهاجرين مدح الأنصار من أهل المدينة؛ لأنهم طابت أنفسهم من الفيء فرضوا تقسيمه على المهاجرين المحتاجين، فقال.. {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ} أي: سكنوا المدينة، وهي دار الهجرة التي تبوأها الأنصار قبل المهاجرين {وَالْإِيمَانَ} إذ لم يؤمنوا قبل المهاجرين، بل آمنوا بعد هجرة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إليهم إلا قليل منهم.


(١) تفسير مختصر مجمع البيان، وانظر: تفسير الكاشف، المنير: (سورة الحشر: ٨ - ١٠).

<<  <   >  >>