أما عطف الإيمان على الدار في التبوّء، فهو عطف ظاهري لا معنوي؛ لأن الإيمان لا يتبوأ، وتقديره وآثروا الإيمان على الكفر {مِنْ قَبْلِهِمْ} يعني: قبل قدوم المهاجرين إليهم حين أحسنوا إليهم، بأن أسكنوهم بيوتهم وشاركوهم في أموالهم {وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا} أي: لم يكن في قلوبهم حزازة ولا غيظ ولا حسد بسبب ما أخذ المهاجرون من الفيء الذي استولوا عليه من مال بني النضير، بل طابت به نفوسهم وكانوا {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} أي: يقدمون المهاجرين ويفضلونهم على أنفسهم في العطاء {وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} أي: ولو كانت بهم حاجة وفقر، وذلك رأفة بإخوانهم وطلباً للأجر والثواب {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} أي: الفائزون بثواب الله تعالى الرابحون لجنته ونعيمها (١).
وهذه الآيات في بيان مدحهم وثوابهم، فقال:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا} أي: المؤمنون من المهاجرين والأنصار {هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} لأنهم صدقوا إيمانهم بما قاموا به من الهجرة والنصرة والموالاة بعضهم لبعض، وجهادهم لأعدائهم من الكفار والمنافقين.
{لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} من الله تمحى بها سيئاتهم، وتضمحل بها زلاتهم، {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} أي: خير