للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كثير من الرب الكريم في جنات النعيم.

وربما حصل لهم من الثواب المعجل ما تقر به أعينهم، وتطمئن به قلوبهم، وكذلك من جاء بعد هؤلاء المهاجرين والأنصار، ممن اتبعهم بإحسان فآمن وهاجر وجاهد في سبيل الله. {فَأُولَئِكَ} مِنْكُمْ لهم ما لكم وعليهم ما عليكم.

(ثم قال): فهذه الموالاة الإيمانية - وقد كانت في أول الإسلام - لها وقع كبير وشأن عظيم، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين والأنصار أخوة خاصة، غير الأخوة الإيمانية العامة، وحتى كانوا يتوارثون بها، فأنزل الله {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} فلا يرثه إلا أقاربه من العصبات وأصحاب الفروض، فإن لم يكونوا، فأقرب قراباته من ذوي الأرحام، كما دل عليه عموم هذه الآية الكريمة، وقوله: {فِي كِتَابِ اللَّهِ} أي: في حكمه وشرعه. {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ومنه ما يعلمه من أحوالكم التي يجري من شرائعه الدينية عليكم ما يناسبها. (١)

وقال محمد السبزواري النجفي:

{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا} أي: الذين صدقوا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بما جاء به من عند الله، وأيقنوا بوجود الله ووحدانيته، وتركوا ديارهم فراراً بدينهم مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وحاربوا معه لينصروا دينه وشريعته {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: ٧٤] هم المصدقون فعلاً، قولاً وعملاً، وقد حققوا إيمانهم حتى برهنوا أنه إيمان حق، فهؤلاء {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٧٤)} أي: أعد الله لهم (مغفرة): تجاوزاً عن سيئاتهم، ورزقاً كريماً: واسعاً عظيماً لا


(١) تيسير الكريم المنان: (١/ ٣٢٧).

<<  <   >  >>