للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثناء أهل البيت - عليهم السلام - على الصحابة الكرام - رضي الله عنهم -:

ولأجل هذا الثناء المبارك في كتاب الله كانت البشارة من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عظيمة لمن أدرك الصحابة، أو رأى واحداً منهم، فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: (طوبى لمن رآني، وطوبى لمن رأى من رآني وطوبى لمن رأى من رأى من رآني) (١).

ولله در أمير المؤمنين علي - عليه السلام - وهو الخبير بحال إخوانه، بعد أن جرّب أهل الكوفة ورأى خذلانهم له، قال متذكراً ومادحاً أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: (لقد رأيت أصحاب... محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - فما أرى أحداً يشبههم منكم، لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً، وقد باتوا سجداً وقياماً يراوحون بين جباههم، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم، كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم، إذا ذُكِر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف، خوفاً من العقاب ورجاء للثواب) (٢).

ويصف أمير المؤمنين - عليه السلام - حاله وحال أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - واستبسالهم جميعاً في وجه الأعداء بقوله:

(ولقد كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - نقتُل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا، ما يزيدنا ذلك إلا إيماناً وتسليماً ومضيّا على اللَّقَم، وصبراً على مضض الألم، وجِدّاً في جهاد العدِّو، ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين يتخالسان أنفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس المنون، فمرة لنا من عدونا، ومرة لعدونا منا، فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت وأنزل علينا النصر، حتى استقر الإسلام ملقياً جرانه، ومتبوِّئاً أوطانه، ولعمري لو كنّا


(١) أمالي الصدوق: (ص ٤٠٠)، أمالي الطوسي: (ص: ٤٤٠)، الخصال: (٢/ ٣٤٢)، بحار الأنوار: (٢٢/ ٣٠٥).
(٢) نهج البلاغة: (ص: ١٤٣)، وانظر: الكافي: (٢/ ٢٣٦)، بحار الأنوار: (٦٦/ ٣٠٧).

<<  <   >  >>