وذلة وسأمسك الأمر ما استمسك، وإذا لم أجد بداً فآخر الدواء الكي) (١).
منذ تلك اللحظات بدأت الفتن تتغلغل بين أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأفضت إلى انقسامهم إلى طوائف، لما أنقسمت الآراء وتعددت الإجتهادات، فترى طائفة وجوب السرعة في الأخذ بالثأر من قتلة خليفة المسلمين عثمان بن عفان، وطائفة أخرى ترى وجوب التريث حتى يستتب الأمر لأمير المؤمنين، فاندس أهل الفساد والسوء بين تلك الأطراف المجتهدة.
ونتيجة لهذا التفرق لم يهدأ بال أهل الفساد من ترك الأمر على ما هو عليه، بل استغلوا كل مناسبة لتأجيج نار الفرقة والخلاف والنفخ في نار الفتنة والسوء، فانتهزوا فرصة خروج طائفة من الصحابة من مكة إلى البصرة، فأسرعوا بتهييج العواطف من أن هؤلاء أرادوا الشر وتفرقة صفوف الأمة.. ووقعت بعد ذلك.. معركة الجمل.
معركة الجمل:
تشير الروايات التاريخية إلى أنه لم يخرج طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة - رضي الله عنهم - ومن معهم من مكة إلى البصرة مقاتلين، ولا داعين أو طامعين لنزع الخلافة من أمير المؤمنين... علي - عليه السلام -، بل خرجوا إرادة الإصلاح وحسم الخلاف، وتجميع المسلمين بتوحيد كلمتهم والانتقام من قتلة خليفة المسلمين عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وإخراجهم من صفوف المسلمين هذا ما ذكرته كتب التاريخ، ولم تكن معركة الجمل هي الأخيرة ولكن تبعتها بعد فترة معركة صفين، ويمكن إجمال هذا الحدث الكبير في الآتي:
لما اقترب موعد الاتفاق بين جيش علي وجيش طلحة والزبير - رضي الله عنهم - على إخراج هؤلاء الخوارج من الجيش وقتلهم، وانزوى كل صف إلى معسكره أبى أولئك الخوارج هذا التجمع المبارك والهدوء؛ لأنه اجتماع على قتلهم وقتالهم فسعوا في بث الفتنة بين الجيشين وإشعال