المطلب الخامس: ثناء الثقلين على من أنفق وقاتل قبل الفتح وبعده:
وبعد ثناء الله تبارك وتعالى على أهل بدر - رضي الله عنهم -، لمسارعتهم إلى القتال مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - رغم عدم تَهيِئَتِهِم لذلك عدداً وعدةً، اتسعت دائرة الثناء لتشمل أولئك الذين أنفقوا وقاتلوا قبل الفتح وبعده.
والمسلم يؤمن بأفضلية أولئك الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا من الصحابة - رضي الله عنهم - على من أنفق من بعد الفتح وقاتل.
والفتح المقصود به (صلح الحديبية)، كما قال تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١)} [الفتح: ١].
والحديبية: بئر قرب مكة، وقعت عندها بيعة الرضوان، وصلح الحديبية تحت شجرة كانت هناك، حينما صدَّ المشركون رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وأصحابه عن دخول مكة فبايعوه على الموت.
وخُص أصحاب الفتح أو صلح الحديبية بهذه الخصيصة من الفضل وعلو المكانة للحاجة القاهرة التي ألمت بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - والصحابة في وقتها إلى العدد والعدة في ظروف عصيبة، وكان الصلح وما جرى بعده من مبايعة بين الصحابة رضوان الله عليهم... والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فتحا مبينا للنتائج الباهرة التي تبعته بعد ذلك.
وقد بايع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - المسلمين، وكان عددهم يتجاوز ألف صحابي، ولعدم حضور عثمان في المبايعة- نتيجة ذهابه للوساطة من قبل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى أهل مكة - ضرب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بإحدى يديه الشريفتين على الأخرى مبايعاً لعثمان بن عفان - رضي الله عنه - ويد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - خير من يد عثمان، بل إن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - دافع عنه في غيابه لما قال بعض المسلمين: طوبى لعثمان قد طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وأحلّ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: (ما كان ليفعل، فلما