للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الرابع: ثناء الثقلين على أهل بدر:

وبعد بيان المديح العام للصحابة - رضي الله عنهم - بِقِسميهِم: المهاجرون والأنصار - رضي الله عنهم - جاء التحديد لفئات محددة من الصحابة، لتميزهم بعمل عظيم أو موقف خاص أدى إلى أن يكون لهم فضل على غيرهم من الصحابة.

فقد جعل الله سبحانه وتعالى الأفضلية والمراتب العظيمة في الصحابة لمن شهد معركة بدر من المسلمين، وكانوا حينئذٍ قلة، ولم يستعدوا لقتال أو مواجهة ضد صناديد قريش بعددهم وعدتهم حين أتاهم المنادي لمواجهة قافلة الكفار.

لكن تحقق النصر المبين بفضل الله ومنِّه على أيدي هؤلاء القلة، الذين أرهبوا العرب وأخافوهم، وجعلت هذه الغزوة لهم هيبة عظيمة بين القبائل العربية.

وغزوة بدر لها مزية خاصة لأنها أول مواجهة بين الطليعة المؤمنة وجيش المشركين وفيها جنى المسلمون أولى ثمار دولتهم الناشئة، وفيها ظهرت بطولات وتضحيات من نوع فريد على أيدي القلة المؤمنة، وقد اطَّلع الله على أعمال هؤلاء الأطهار، وبشرهم بأنهم لن يموتوا على الكفر، وأن ذنوبهم مغفورة بإذنه سبحانه.

وهذا ما أكده النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حينما أراد أن يضرب عنق حاطب بن أبي بلتعة - رضي الله عنه - حين قال للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: إنه: قد خان الله ورسوله والمؤمنين، فدعني فلأضرب عنقه، فقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: (أليس من أهل بدر؟) ثم قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: (لعل الله اطلع إلى أهل بدر؟ فقال: اعملوا ما شئتم، فقد وجبت لكم الجنة، أو: فقد غفرت لكم) فدمعت عينا عمر. (١).


(١) صحيح البخاري (٤/ ٧٦).

<<  <   >  >>