كيف يمكن لنا أن نقول بعدالة الصحابة جميعاً، والله تبارك وتعالى قد صرح بردتهم جميعاً بعد وفاة نبيه إلا ثلاثة منهم (١)، مثلما جاء في قوله تبارك وتعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤)} [آل عمران: ١٤٤].
الجواب:
أولاً: يجب على القارئ لكتب التفسير أن يختار من يقرأ له من المفسرين، فيتحرى أصحاب العقائد الصحيحة، ممن شهد له العلماء المجتهدون بالعلم والفضل، ويكون على إلمام بأصول التفسير كأسباب نزول القرآن، والناسخ والمنسوخ، والخاص والعام، وغيره حتى لا يفسر أو يؤّول كلام الله تعالى من غير علم.
ثانياً: ذكر علماء التاريخ، وكذا المفسرون أن تلك الآية نزلت في واقعة محددة معلومة وهي انهزام المسلمين في غزوة أحد، وكانت هذه الواقعة من أوائل الغزوات التي قاتل فيها المسلمون، فكيف يكون ما نَزَل من القرآن في بداية الهجرة، وفي حادثة معينة محددة، دليلاً على ردة الصحابة بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -؟!
قال ابن كثير في تفسيره: لما انهزم من انهزم من المسلمين يوم أحد وقتل من قتل منهم، نادى الشيطان: ألا إن محمدا قد قتل، ورجع ابن قَمِيئَةَ إلى المشركين، فقال لهم: قتلت محمدا، وإنما كان قد ضرب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فشجه في رأسه، فوقع ذلك في قلوب كثير من الناس واعتقدوا أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قد قتل، وجوزوا عليه ذلك، ... فحصل ضعف ووهن