الحمد لله رب العالمين.. وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه الكرام البررة المهتدين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين...
أما بعد:
فإن من نعم الله السابغة ومننه البالغة أن أرسل إلينا رسولاً من أنفسنا، ليخرجنا من الظلمات إلى النور، ومن الشقاء إلى السعادة، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، فكان نبي الرحمة حقاً به أتم الله النعمة وبه كشف الغمة وختم الرسالات، وجعل شريعته باقية إلى يوم الدين.
وبعد أن انتقل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى الرفيق الأعلى حمل لواء هذه الدعوة المباركة من بعده عصبة، جاءت على اختيار واصطفاء من الله، علم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وهداهم إلى الصراط المستقيم، فكان همهم وغايتهم رضوان الله ونشر دعوة الإسلام وما تتضمنه من تحقيق العبودية لله فرضي عنهم وأرضاهم.
وكان هذا الرضوان العظيم تزكية من الله لهم فلم يكن الله ليضلهم بعد أن هداهم ورضي عنهم وهو العالم بما يخفون وما يعلنون، فقد نطقت ألسنتهم بما في قلوبهم من الصدق والإيمان والإخلاص، وبذلوا مهجهم في سبيل الله، وسطروا في التاريخ بطولات وتضحيات جسيمة كل ذلك في سبيل الله ولإعلاء كلمته، ورغم ذلك نجد طائفة من الناس تتجرأت على الطعن فيهم، إما جهلاً باصطفاء الله لهم أو تناسياً لرضوان الله عليهم مخالفين قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٠)} [الحشر: ١٠].