للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينغصه شيء من المكدرات {وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا} [الأنفال: ٧٥] أي: الذين آمنوا بعد فتح مكة، وقيل: هم الذين آمنوا بعد إيمانكم {وَهَاجَرُوا} إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعد هجرتكم الأولى {وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ} فقاتلوا الكفار والمشركين بجانبكم {فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ} فهم من جملتكم إيماناً وهجرةً وجهاداً وحكماً في الموالاة والميراث والنصرة، رغم تأخر إيمانهم وهجرتهم (١).

وقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠)} [التوبة: ٢٠].

قال الشيخ أبو بكر الجزائري:

الذين آمنوا بالله وتركوا دار الكفر قاصدين دار الإسلام، وبذلوا أموالهم وأنفسهم في الجهاد لإعلاء كلمة الله، هؤلاء أعظم درجه عند الله، وأولئك هم الفائزون برضوانه (٢).

وقال محمد حسين فضل الله:

{الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا} وتحملوا ما تحملوه من هجرة الوطن، إلى حيث يملك الإنسان حرية الحركة في الدعوة والجهاد، ويبتعد عن مواطن الضغط الذي قد يعرضه للفتنة في دينه، وذلك دليل الإخلاص العظيم لله فيما يمثله من التمرد على كل العواطف الذاتية والخصائص الحميمة، من أجل الله وحده، والذين جاهدوا {فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} فيما بذلوه من أموالهم للدعوة وللجهاد، وفيما واجهوه من أخطاء مادية ومعنوية في


(١) تفسير الجديد، وانظر: الصافي، الوجيز، تقريب القرآن (سورة الأنفال: ٧٤).
(٢) التفسير الميسر (١/ ١٨٩).

<<  <   >  >>