للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن الجوزي:

{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} يعني بهم المهاجرين {يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ} أي: رزقاً يأتيهم وَرِضْواناً رضى ربهم حين خرجوا إلى دار الهجرة {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} في إِيمانهم. ثم مدح الأنصار حين طابت نفوسهم عن الفيء، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ} يعني: دار الهجرة، وهي المدينة {وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} فيها تقديم وتأخير، تقديره: والذين تبوءوا الدار من قبلهم، أي: من قبل المهاجرين، والإيمان عطف على «الدار» في الظاهر، لا في المعنى، لأن «الإيمان» ليس بمكان يُتَبَوَّأُ، وإنما تقديره: وآثروا الإيمان، وإِسلام المهاجرين قبل الأنصار، وسكنى الأنصار المدينة قبل المهاجرين. وقيل: الكلام على ظاهره، والمعنى: تبوّءوا الدار والإيمان قبل الهجرة {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} وذلك أنهم شاركوهم في منازلهم، وأموالهم... {وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً} أي: حسداً وغيظاً مما أوتي المهاجرون. وفيما أوتوه قولان: أحدهما: مال الفيء، قاله الحسن. وذلك أنّ النبيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قسم أموال بني النضير بين المهاجرين، ولم يعط من الأنصار غير ثلاثة نفر. والثاني: الفضل والتقدّم، ذكره الماورديّ، قوله عزّ وجلّ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} يعني الأنصار يؤثرون المهاجرين على أنفسهم بأموالهم ومنازلهم {وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} أي فقر وحاجة، فبيّن الله عزّ وجلّ أن إيثارهم لم يكن عن غنى. (١).

وقال محمد باقر الناصري:

{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} إلى المدينة هرباً من مكة ومن غيرها {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} جاءوا {يَبْتَغُونَ} يطلبون {فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} أي: وينصرون دين الله


(١) بتصرف: تفسير زاد المسير: (٤/ ٢٥٦).

<<  <   >  >>