للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أسمعهم حجة رسالته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته وانتصروا به، ومن كانوا منطوين على محبته، يرجون تجارةً لن تبور في مودته والذين هجرتهم العشائر، إذ تعلقوا بعروته، وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك، وأرضهم من رضوانك وبما حاشوا الخلق عليك وكانوا مع رسولك دعاةً لك وإليك، واشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم وخروجهم من سعة المعاش إلى ضيقه، ومن كثَّرت في اعتزاز دينك من مظلومهم، اللهم وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان الذين يقولون: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر: ١٠] خير جزائك، الذين قصدوا سمتهم، وتحرَّوا جهتهم، ومضوا على شاكلتهم، لم يثنهم ريبٌ في بصيرتهم، ولم يختلجهم شك في قفوِ آثارهم والائتمام بهداية منارهم، مُكانفين ومُؤازرين لهم يدينون بدينهم، ويهتدون بهديهم، يَتّفقون عليهم ولا يتهمونهم فيما أدوا إليهم اللهم وصلِّ على التابعين من يومنا هذا إلى يوم الدين وعلى أزواجهم وعلى ذُرِّياتهم، وعلى من أطاعك منهم صلاةً تعصمهم بها من معصيتك وتفسح لهم في رياض جنَّتك، وتمنعهم بها من كيد الشيطان) (١). انتهى.

وعن الإمام الصادق - عليه السلام -، عن آبائه، عن علي - عليه السلام - قال: (أوصيكم بأصحاب نبيكم لا تسبوهم، الذين لم يحدثوا بعده حدثاً، ولم يؤووا محدثاً؛ فإن رسول الله أوصى بهم الخير) (٢).

ومن المعلوم أن وجود النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - خيرٌ لأهل الأرض، وكذلك الصحابة - رضي الله عنهم - من بعده، وذلك لعظيم شأنهم، وعلو قدرهم في التزامهم بهدي سيد البشر - صلى الله عليه وآله وسلم -، ومن ثمَّ استجاب الله دعاء هم لخير الأمة.


(١) الصحيفة السجادية: (ص: ٤٢).
(٢) بحار الأنوار: (٢٢/ ٣٠٥).

<<  <   >  >>