وعندما يطرحون مثل هذه الشبهة فإنهم ينفثون السموم من خلالها على عوام المسلمين والواقع أن المستشرق بتسليطه الضوء وَكَيلِهِ الإتهام لا يقصد صحابيا لم يشتهر، ولم يفصّل التاريخ في خبره، أو يسهب في أثره، أو في صحابية من عامة الصحابيات زنت ثم اعترفت فرجمها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، أو من رجل كان مبتلى بشرب الخمر فأقام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عليه الحد، ولا يريد بشبهته تلك أمثال حاطب بن أبي بلتعة - رضي الله عنه - الذي زل في رأيه ولم يوفق في اجتهاده، عندما أخبر قريشاً بقدوم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فاتحاً، فكل أولئك - رضي الله عنهم - قد تابوا إلى الله عز وجل، إما باستغفار وإنابة منهم، أو بإقامة حد دنيوي عليهم.
لكنه يتخذ ذلك ذريعة لطعنه في كبار الصحابة من خلال اختلاق القصص حولهم وإبراز الخلافات فيما بينهم لتمهيد الطريق لإطفاء نور الله المبين الذي سار عليه المسلمون وإذا نجح المستشرق في إسقاط عدالة الصحابة عموماً فإنه يسهل عليه الطعن في كتاب الله الذي نقلوه وحفظوه، ومن ثم سنة نبيه محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، التي فيها تفصيل التشريعات الربانية فيسهل بعد ذلك تفريق صفوف المسلمين وجعل الفتنة والبغضاء بينهم.
لذلك يقوم المستشرقون بالإعتماد على ما كتبه زنادقة ذلك العصر باعتبارهم يمثلون الإسلام، واعتبار التاريخ والوقائع التي نقلوها وزوَّروها تعبر عن تلك المرحلة تعبيراً صادقاً وهذا ملاحظ فيما يشاع بين المسلمين من ترويج ونشر للأحاديث المكذوبة على أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - المتناثرة في الكتب الجامعة للأحاديث والروايات الغير معتمدة والتي بحمد لله لم تصمد أمام القواعد والضوابط التي وضعها علماء الجرح والتعديل.
والدليل على ذلك أنك لن تجد في هذه الروايات الداعية إلى الفرقة والاختلاف بين الصحابة رواية واحدة صحيحة، متصلة السند عن رواة عدول عن مثلهم عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولذلك فليطمئن المسلم على دينه وليكن على بينة من عدة أمور: