وقَدِمَ الأنْدَلُس في رجب سَنة تسع وستين وثَلاث مِائة، فسمع منه ضروب من النَّاس، وطبقات طلاّب العلم، وأبناء الملوك، وجماعة من الشيوخ والكهول. وكان: يملى في المسجد الجامِع كل يوم جمعة. ولَوْلَا أن كتبه تُلِيَت عليَه، ولم تجتمع له: - لأَتَى من العلم والرِّواية، بأمرٍ مُعْجزٍ. وسمعته يَقُول: لو عُدَّتْ أَيَّامَ مشي في المشرق وعُدَّتْ كُتُبي التي كَتْبتُ هُنَاك بخطيّ -: لكانت كتبي أكثر من أيّامي بها.
وكان: حَسَن الكتاب، صَحِيح القلم. روى لَنا من الأخْبَار والحكايات ما لم يَكُنْ عند غيره، ولَا أدخله أحد الأنْدَلُس قبله. وكان: حَلِيماً كريماً جَوَّاباً، شَريف النّفس مع سلامة دِينه، وحسن يَقِينه.
وكان: قَدْ سَرَد الصّوم من حين خُروجه من المَشْرِق إلى أن تُوفِّي. وتُوفِّيَ (رحمه الله) : فَجْأة ليلة السّبت لأربع بقين من رَجَب سنة خمس وسبعين وثَلاثِ مائة. ودُفِن في مَقْبَرة الرّصافة بقرب مَسْجِد ابن مُمن بعد صلاة العصر، وصلَّى عليه القاضي محمد ابن يَبْقى، وشهدت غسله ودفنه. ومولده سنة ثَلاثِ مِائة.
١٦٠٠ - يَحْيَآ بن مَرْوَان المُؤَذن الأطْرُوش: من أهْلِ قُرْطُبَة؛ يُكَنَّى: أبَا بَكْر.
رحلَ إلى المَشْرِق حاجاً فسمع بِمكَّة: من ابن الأعرابي، وبمصر: من ابن الوَرْد وغيرهما. أجَازَ لنا رِوايته، وقَد كَتَبَ عنْهُ بعض النَّاس. تُوفِّيَ: يوم الاثنين لثَلاث بقين من صَفر سنة تسع وسبعين وثَلاثِ مائة. ودُفِن في مَقْبَرة الرَّبض.
١٦٠١ - يَحْيَى بن إبراهيم بن أبي الأسد: من أهْلِ قُرْطُبَة؛ يُكَنَّى: أبَا زكرياء.