الملحدين، فأين ذلك الجمهور المزعوم للمعتزلة في ذلك الوقت والحين؟
الوجه الثاني: أن مناظرة أئمة السنة - حنابلة وغيرهم - للمعتزلة مشهورة، قد امتلأت بها الطروس والطباق في مجلس المأمون، ثم المعتصم، ثم الواثق بالله، وقبل ذلك وبعده.
وكذلك إفحام أئمة الإسلام للمعتزلة، وخروجهم حيارى مخذولين، فمتى غلبت المعتزلة أهل السنة في المناظرات؟ وأين؟
الثالث: أن الحنابلة لم ينفردوا بتحريم مناظرة أهل البدع وجدالهم، بل قد حرمه أئمة الإسلام السابقون من التابعين فمن بعدهم، قال أبو قلابة رحمه الله:(لا تجالسوا أهل الأهواء، ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة، أو يلبسوا عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم) .
وقال الحسن البصري، ومحمد بن سيرين:(لا تجالسوا أصحاب الأهواء، ولا تجادلوهم، ولا تسمعوا منهم) .
وقال البغوي (ت ٥١٠ هـ) رحمه الله في " شرح السنة "(١ / ٢١٦) : (واتفق علماء السلف من أهل السنة على النهي عن الجدال والخصومات في الصفات، وعلى الزجر عن الخوض في علم الكلام وتعلمه) اهـ.
وعقد جملة من الأئمة أبوابا في بعض مصنفاتهم لذمه والتحذير منه كالآجري في " الشريعة "، وابن بطة في " الإبانة الكبرى "،