قالت أسماء: فَلَمَّا سَمِعْنَا قَوْلَهُ عَرَفْنَا حَيْثُ تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ وَجْهَهُ إلى المدينة.
[فصل في قدوم النبي الْمَدِينَةِ]
فَصْلٌ وَبَلَغَ الْأَنْصَارَ مَخْرَجُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من مكة، فكانوا يخرجون كل يوم إلى الحرة ينتظرونه، فإذا اشتد حر الشمس رجعوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ ثَانِيَ عشر ربيع الأول على رأس ثلاثة عشر من نبوته خرجوا على عادتهم، فلما حميت الشَّمْسِ رَجَعُوا، وَصَعِدَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ لِبَعْضِ شَأْنِهِ، فَرَأَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ مُبَيِّضِينَ يَزُولُ بِهِمُ السَّرَابُ، فَصَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا بَنِي قَيْلَةَ هَذَا صَاحِبُكُمْ قَدْ جَاءَ، هذا جدكم الذي تنتظرون. فثار الأنصار إلى السلاح ليتلقوه، وسمعت الوجبة وَالتَّكْبِيرُ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ فَرَحًا بِقُدُومِهِ، وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، فَتَلَقَّوْهُ وَحَيَّوْهُ بتحية النبوة، وأحدقوا بِهِ مُطِيفِينَ حَوْلَهُ، وَالسَّكِينَةُ تَغْشَاهُ، وَالْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ:{فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}[التَّحْرِيمِ: ٤](١) .