وَسِيلَةٌ إِلَى مَعَانِيهِ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: أنزل القرآن ليعمل به، فاتخذوا تلاوته عملا.
قال شعبة: حدثنا أبو حمزة قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي رَجُلٌ سَرِيعُ القراءة، وربما قرأت القرآن في الليلة مرة أو مرتين. قال ابن عباس رضي الله عنهما: لَأَنْ أَقْرَأَ سُورَةً وَاحِدَةً، أَعْجَبُ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ الَّذِي تَفْعَلُ، فَإِنْ كُنْتَ فاعلا لا بد، فاقرأ قراءة تسمع أذنيك، ويعيه قلبك. وقال إبراهيم: قرأ علقمة على عبد الله، فَقَالَ: رَتِّلْ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، فَإِنَّهُ زَيْنُ القرآن. وقال عبد الله: لَا تَهُذُّوا الْقُرْآنَ هَذَّ الشِّعْرِ، وَلَا تَنْثُرُوهُ نَثْرَ الدَّقَلِ، وَقِفُوا عِنْدَ عَجَائِبِهِ، وَحَرِّكُوا بِهِ الْقُلُوبَ، وَلَا يَكُنْ هَمُّ أَحَدِكُمْ آخِرَ السُّورَةِ. وقال: إذا سمعت الله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فَأَصْغِ لَهَا سَمْعَكَ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ تُؤْمَرُ بِهِ، أو شر تنهى عنه. وقال عبد الرحمن بن أبي ليل: دَخَلَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ وَأَنَا أَقْرَأُ (سُورَةَ هُودٍ) فقالت لي: يَا عبد الرحمن هَكَذَا تَقْرَأُ سُورَةَ هُودٍ؟ ! وَاللَّهِ إِنِّي فِيهَا مُنْذُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَمَا فَرَغْتُ مِنْ قِرَاءَتِهَا.
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسر بالقرآن في صلاة الليل تارة، ويجهر تارة، ويطيل القيام تارة، ويخففه تَارَةً، وَكَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ عَلَى راحلته في السفر، قبل أي وجه تَوَجَّهَتْ بِهِ، فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ عَلَيْهَا إِيمَاءً، وَيَجْعَلُ سجوده أخفض من ركوعه.
[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاة الضحى]
فصل روى البخاري في صحيحه عن عائشة قَالَتْ:«مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي سُبْحَةَ الضُّحَى وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا.
» وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: «أوصاني خليلي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قبل أن أرقد»
ولمسلم عن زيد ابن أرقم مرفوعا:«صلاة الأوابين حين تَرْمَضُ الْفِصَالُ» أَيْ: يَشْتَدُّ حَرُّ النَّهَارِ، فَتَجِدُ الفصال حر الرمضاء، فقد أوصى بها، وكان يستغني عنها بقيام الليل.