للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرغ الرمي، والدعاء في صلب العبادة أفضل. وَلَمْ يَزَلْ فِي نَفْسِي هَلْ كَانَ يَرْمِي قبل الصلاة أَوْ بَعْدَهَا، وَالَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ قبلها، لِأَنَّ جابرا وَغَيْرَهُ قَالُوا: كَانَ يَرْمِي إِذَا زالت الشمس.

[فصل قد تَضَمَّنَتْ حَجَّتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّ وقفات للدعاء]

فَصْلٌ فَقَدْ تَضَمَّنَتْ حَجَّتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ست وقفات للدعاء: على الصفا، وعلى المروة، وبعرفة، وبمزدلفة، وعند الجمرة الأولى، وعند الجمرة الثانية.

وخطب بمنى خطبتين، يوم النحر وتقدمت، والثانية في أوسط أيام التشريق، واستأذنه العباس أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ، وَاسْتَأْذَنَهُ رِعَاءُ الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ خَارِجَ مِنًى عِنْدَ الْإِبِلِ، فَأَرْخَصَ لَهُمْ أَنْ يَرْمُوا يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَجْمَعُوا رَمْيَ يومين بعده يَرْمُونَهُ فِي أَحَدِهِمَا. قَالَ مالك: ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَالَ: فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: رَخَّصَ لِلرُّعَاءِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمًا، وَيَدَعُوا يَوْمًا، فَيَجُوزُ لِلطَّائِفَتَيْنِ بِالسُّنَّةِ تَرْكُ الْمَبِيتِ بِمِنًى، وَأَمَّا الرَّمْيُ، فَإِنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَهُ، بَلْ لَهُمْ أن يؤخروه إلى الليل، وَلَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا رَمْيَ يَوْمَيْنِ فِي يَوْمٍ.

ومن لَهُ مَالٌ يَخَافُ ضَيَاعَهُ، أَوْ مَرِيضٌ يَخَافُ مِنْ تَخَلُّفِهِ عَنْهُ، أَوْ كَانَ مَرِيضًا لَا يمكنه الْبَيْتُوتَةُ، سَقَطَتْ عَنْهُ بِتَنْبِيهِ النَّصِّ عَلَى هَؤُلَاءِ، ولم يتعجل في يومين، بل تأخر حتى أكمل الرمي في الأيام الثَّلَاثَةِ، وَأَفَاضَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ بَعْدَ الظُّهْرِ إِلَى الْمُحَصَّبِ، وَهُوَ الْأَبْطَحُ، وَهُوَ خَيْفُ بَنِي كِنَانَةَ ; فوجد أبا رافع قد ضرب قبته هُنَاكَ، وَكَانَ عَلَى ثِقْلِهِ تَوْفِيقًا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ دُونَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فصلى بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَرَقَدَ رَقْدَةً، ثُمَّ نَهَضَ إِلَى مَكَّةَ، فَطَافَ لِلْوَدَاعِ لَيْلًا سحرا.

وَرَغِبَتْ إِلَيْهِ عائشة تَلِكَ اللَّيْلَةَ أَنْ يُعْمِرَهَا عُمْرَةً مُفْرَدَةً، فَأَخْبَرَهَا أَنَّ طَوَافَهَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا والمروة قد أجزأها عَنْ حَجِّهَا وَعُمْرَتِهَا، فَأَبَتْ إِلَّا أَنْ تَعْتَمِرَ عمرة مفردة، فأمر أخاها أَنْ يُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، فَفَرَغَتْ مِنْ عُمْرَتِهَا ليلا، ثم وافت المحصب مع أخيها في جوف الليل، فقال: فرغتما؟ قالت: نعم فنادى بالرحيل، فارتحل الناس.

وفي حديث الأسود في " الصحيح " عنها: «فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ

<<  <   >  >>