الدنيا أحلام نوم، وإن أضحكت قليلا، أبكت كثيرا.
ومنه العلم أن الجزع لا يرد بل يضاعف.
ومنه أن يعلم أن فوات ما ضمن الله على الصبر والاسترجاع أعظم منها.
ومنه أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْجَزَعَ يشمِّت عَدُوَّهُ، وَيَسُوءُ صديقه، ويغضب ربه. ومنه أن يعلم أن ما يعاقب الصبر والاحتساب من اللذة أضعاف ما يحصل له من نفع الفائت لو بقي له.
ومنه أَنْ يروِّح قَلْبَهُ بِرُوحِ رَجَاءِ الْخَلَفِ مِنَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ عِوَضٌ إِلَّا الله.
ومنه أن يعلم أن حظه منها مَا تُحْدِثُهُ لَهُ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَى، ومن سخط فله السخط.
ومنه أن يعلم أن آخر الجزع إلى الصبر الاضطراري، وهو غير محمود، ولا مثاب عليه.
ومنه أن يعلم أن من أنفع الأدوية موافقة ربه فِيمَا أَحَبَّهُ وَرَضِيَهُ لَهُ وَأَنَّ خَاصِّيَّةَ الْمَحَبَّةِ وسرها موافقة المحبوب.
ومنه أن يوازن بين أعظم اللذتين والتمتعين وَأَدْوَمِهِمَا لَذَّةِ تَمَتُّعِهِ بِمَا أُصيب بِهِ، وَلَذَّةِ تمتعه بثواب الله.
ومنه العلم بأن المبتلي أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، وأنه لم يبتله ليهلكه، بل ليمتحن إيمانه، وليستمع تضرعه، وليراه طريحا ببابه.
ومنه أن يعلم أن المصائب سبب لمنع أدواء المهلكة، كالكبر والعجب والقسوة.
ومنه أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ مَرَارَةَ الدُّنْيَا هِيَ بِعَيْنِهَا حلاوة الآخرة، وبالعكس، فإن خفي عليك هذا، فانظر قَوْلِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ: «حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ» وَفِي هَذَا الْمَقَامِ تَفَاوَتَتْ عُقُولُ الخلائق، وظهرت حقائق الرجال.
[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في علاج الكرب والهم والحزن]
فَصْلٌ
فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في علاج الكرب والهم والحزن في " الصحيحين " عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم» .
وللترمذي عَنْ أنس كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث» .
وله عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أهمه أمر رفع طرفه إلى السماء