للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مخافة أن أراها حتما علي.

«وكان من هديه صلى الله عليه وسلم وَهَدْيِ أَصْحَابِهِ، سُجُودُ الشُّكْرِ عِنْدَ تَجَدُّدِ نِعْمَةٍ تسر، أو اندفاع نقمة» ، «وكان صلى الله عليه وسلم إذا مر بآية سجدة - كَبَّرَ وَسَجَدَ، وَرُبَّمَا قَالَ فِي سُجُودِهِ: سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بحوله وقوته» ولم ينقل عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ لِلرَّفْعِ مِنْ هَذَا السجود، ولا تشهد، ولا سلم ألبتة. وصح عنه أَنَّهُ سَجَدَ فِي (الم تَنْزِيلُ) وَفِي (ص) وفي (اقرأ) وَفِي (النَّجْمِ) وَفِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: ١] وَذَكَرَ أبو داود، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَقْرَأَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً، مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي المفصل، وفي (سورة الحج) سجدتين.

وأما حديث ابن عباس، أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْجُدْ فِي المفصل منذ تحول إلى المدينة، فَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، فِي إِسْنَادِهِ أبو قدامة الحارث بن عبيد، ولا يحتج بحديثه، وأعله ابن القطان بمطر الوراق، وقال: كان يشبه فِي سُوءِ الْحِفْظِ، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَعِيبَ عَلَى مسلم إِخْرَاجُ حديثه. انتهى.

وَلَا عَيْبَ عَلَى مسلم فِي إِخْرَاجِ حَدِيثِهِ لِأَنَّهُ يَنْتَقِي مِنْ أَحَادِيثِ هَذَا الضَّرْبِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ حَفِظَهُ، كَمَا يَطْرَحُ مِنْ أَحَادِيثِ اليقظة ما يعلم أنه غلط فيه، فمن الناس من صحح جميع أحاديث هؤلاء الثقات، ومنهم من ضعف جميع حديث السيئ الْحِفْظِ، فَالْأُولَى طَرِيقَةُ الحاكم وَأَمْثَالِهِ، وَالثَّانِيَةُ طَرِيقَةُ ابن حزم وَأَشْكَالِهِ، وَطَرِيقَةُ مسلم هِيَ طَرِيقَةُ أئمة هذا الشأن.

[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجمعة]

فَصْلٌ

فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجمعة وذكر خصائص يومها صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَضَلَّ اللَّهُ عَنِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا وكان لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ، فَجَاءَ اللَّهُ بِنَا فَهَدَانَا لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَجَعَلَ الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم لنا تبع يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ»

وللترمذي وصححه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة» .

<<  <   >  >>