ولما جاء الوحي ببراءتها حدّ من صرّح بالإفك إلا ابن أُبيّ مع أنه رأس الإفك، فقيل: لأن الحدود كفارة، وهذا ليس كذلك، وقد وعد بالعذاب الأليم فيكفيه ذلك عن الحد، وَقِيلَ: الْحَدُّ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ وَهُوَ لَمْ يُقِرَّ بِالْقَذْفِ وَلَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ أَحَدٌ، فَإِنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَذْكُرُهُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ يَذْكُرُهُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
وَقِيلَ: حَدُّ الْقَذْفِ حَقُّ الآدمي لا يستوفى إلا بمطالبة، وَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ مُطَالَبَةِ الْمَقْذُوفِ، وعائشة لَمْ تُطَالِبْ بِهِ ابن أبي.
في غزوة الخندق وهي سنة خمس في شوال، وسببها أن اليهود لما رأوا انتصار المشركين يَوْمَ أُحد، وَعَلِمُوا بِمِيعَادِ أبي سفيان لِغَزْوِ المسلمين أنه خرج لذلك ثم رجع، فخرج أشرافُهم إلى قريش يُحَرِّضُونَهُمْ عَلَى غَزْوِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - فَأَجَابَتْهُمْ قُرَيْشٌ، ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى غَطَفَانَ فَدَعَوْهُمْ واستجابوا لهم، ثم طافوا في قبائل العرب، ثم ذكر القصة إلى أن ذكر قصة العُرنيين، وقال: فيها مِنَ الْفِقْهِ جَوَازُ شُرْبِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ، وَطَهَارَةُ بول مأكول اللحم، والجمع