«وَكَانَ إِذَا انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ثُمَّ يَتَسَوَّكُ، وربما قرأ عشر الآيات من آخر سورة (آلِ عِمْرَانَ) مِنْ قَوْلِهِ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[آل عمران: ١٩٠] ثم يتطهر، ثم يصلي ركعتين خَفِيفَتَيْنِ،» وَأَمَرَ بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «وكان يقوم إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ، أَوْ بعده بقليل» ، وَكَانَ يَقْطَعُ وِرْدَهُ تَارَةً، وَيَصِلُهُ تَارَةً، وَهُوَ الأكثر، فتقطيعه كما قال ابن عباس:«إنه بعد ما صلى ركعتين انصرف، فنام، فعل ذلك ثلاث مرات في ست ركعات، كل ذلك يستاك ويتوضأ ثم أوتر بثلاث.»
وكان وتره أنواعا، منها: هذا، ومنها: أن «يصلي ثماني ركعات يسلم بعد كل ركعتين، ثم يوتر بخمس سردا متواليات، لا يجلس إلا في آخرهن» ، «ومنها: تِسْعُ رَكَعَاتٍ يَسْرُدُ مِنْهُنَّ ثَمَانِيًا، لَا يَجْلِسُ إلا في الثامنة، يجلس فيذكر الله، وَيَحْمَدُهُ، وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يصلي التاسعة، ثم يقعد فيتشهد ويسلم، ثم يصلي بعدها ركعتين بعد ما يسلم» . ومنها أن «يُصَلِّي سَبْعًا، كَالتِّسْعِ الْمَذْكُورَةِ، ثُمَّ يُصَلِّي بَعْدَهَا ركعتين جالسا» .
ومنها: أن «يُصَلِّي مَثْنَى مَثْنَى، ثُمَّ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ لَا يفصل بينهن» ، فهذا رواه أحمد، عَنْ عائشة، أَنَّهُ:«كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ لَا فصل فيهن» . وفيه نظر، ففي " صحيح ابن حبان " عن أبي هريرة مرفوعا: «لَا تُوتِرُوا بِثَلَاثٍ، أَوْتِرُوا بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ، ولا تشبهوا بصلاة المغرب» قال الدارقطني وإسناده كلهم ثقات. قال حرب: سُئِلَ أحمد عَنِ الْوِتْرِ ; قَالَ: يُسَلِّمُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ، رَجَوْتُ أَلَّا يَضُرَّهُ، إِلَّا أَنَّ التَّسْلِيمَ أَثْبَتُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وقال في رواية أبي طالب: أَكْثَرَ الْحَدِيثِ وَأَقْوَاهُ رَكْعَةٌ، فَأَنَا أَذْهَبُ إِلَيْهَا.
ومنها مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ حذيفة أَنَّهُ: «صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاة رَمَضَانَ، فَرَكَعَ، فَقَالَ فِي رُكُوعِهِ: