للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك قبل الظهر بيسير. وَهْمٌ مِنْهُ، وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ إِنَّمَا أَهَلَّ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ قَطُّ: إِنَّ إِحْرَامَهُ كان قبل الظهر. فلا أدري من أين له هذا.

ثُمَّ لَبَّى، فَقَالَ: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ» وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِهَذِهِ التَّلْبِيَةِ حَتَّى سَمِعَهَا أَصْحَابُهُ، وَأَمَرَهُمْ بِأَمْرِ الله له أن يرفعوا أصواتهم بها وكان حجه على رحل لا محمل وَزَامِلَتُهُ تَحْتَهُ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي جَوَازِ رُكُوبِ المحرم في المحمل والعمارية ونحوهما.

وخيرهم صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الْإِحْرَامِ بَيْنَ الْأَنْسَاكِ الثَّلَاثَةِ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ عِنْدَ دُنُوِّهِمْ مِنْ مَكَّةَ إِلَى فَسْخِ الْحَجِّ وَالْقِرَانِ إِلَى الْعُمْرَةِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، ثُمَّ حَتَّمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ عِنْدَ الْمَرْوَةِ.

وولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر فأمرها أن تغتسل، وتستثفر بثوب وتحرم وتهل.

ففية جواز غسل المحرم، وأن الحائض تغتسل، وأن الْإِحْرَامَ يَصِحُّ مِنَ الْحَائِضِ.

ثُمَّ سَارَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسم وَهُوَ يُلَبِّي بِتَلْبِيَتِهِ الْمَذْكُورَةِ، وَالنَّاسُ مَعَهُ يَزِيدُونَ فيها وينقصون، وهو يقرهم.

فلما كان بالروحاء، رأى حمار وحش عقيرا قال: «دَعُوهُ، فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ صَاحِبُهُ فَجَاءَ صاحبه، فقال: شأنكم به فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا بكر فقسمه بين الرفاق،» ففيه جواز أكل المحرم صيد الحلال إذا لم يصد لأجله، ويدل على أن الصيد يملك بالإثبات.

ثم مضى حتى إذا كان بَيْنَ الرُّوَيْثَةِ وَالْعَرْجِ إِذَا ظَبْيٌ حَاقِفٌ فِي ظِلٍّ فِيهِ سَهْمٌ، فَأَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقِفَ عنده لا يريبه أحد، والفرق بينه وبين الحمار أنه لم يعلم أن الذي صاده حلال.

ثُمَّ سَارَ حَتَّى إِذَا نَزَلَ بِالْعَرْجِ، وَكَانَتْ زاملته وزاملة أبي بكر واحدة مع غلام لأبي بكر، فطلع الغلام وليس معه البعير، فقال: أين بعيرك؟ قال: أضللته البارحة. فقال أبو بكر: بعيرا واحدا وتضله! فَطَفِقَ يَضْرِبُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يبتسم، وَيَقُولُ: «انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْمُحْرِمِ مَا يَصْنَعُ»

- ٩١ - ثم مضى حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْأَبْوَاءِ، أَهْدَى لَهُ الصعب بن جثامة عجز حمار وحش، فرده، وقال: «إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ» فَلَمَّا مَرَّ بِوَادِي عُسْفَانَ قَالَ: «يَا أبا بكر أَيَّ وَادٍ هَذَا؟ قَالَ: وَادِي عُسْفَانَ. قَالَ: لَقَدْ مَرَّ بِهِ هُودٌ وَصَالِحٌ عَلَى بكرين أحمرين خطمهما الليف، وأزرهما العباء، وأرديتهما النمار يلبون يحجون البيت العتيق» ذكره

<<  <   >  >>