للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: ما لا يخلو إنسان من الناس من وقوعه له، وهو أنه كثيرًا ما يقارب الخَطَر ولا يشعر، ويكاد يقع فيه، فيجد ما ينبهه فيسلم، أو يعرض عارض لم يكن في حساب فينجو، وقد جربنا هذا كثيرًا.

ومنها: أن الإنسان الذي لا يخلو من خير يكثر أن تنزل به المصيبة التي كان يظن أنها إذا وقعت مات غمًّا، فيجد في نفسه عند وقوعها ما يهوِّنها عليه ويخفِّفها، بل لعله يرجو منها خيرًا، وعلى العكس من ذلك أهل الشر.

ومن ذلك: ما يُشاهَد من حال الأغنياء الفَجَرة؛ تُسَدّ عنهم طرق الخير، فلا يكادون ينفقون فيها فلسًا، وتُيسَّر لهم طرق الشرّ فينفقون فيها الأموال الكثيرة لغير شهوة يُعتدّ بها أو لذّة تعقل.

ومنها: ما جربه كلّ مؤمن من نفسه من إجابة الرب دعاءه، وإغاثته عند الكرب، وتخليصه من المهالك، وغير ذلك، ويشاركهم في ذلك أهل الأديان الباطلة؛ لأن عندهم اعتقادًا بوجود الرب، والتجاءً إليه، واستغاثةً به، فيمدهم سبحانه بجوده وكرمه في هذه الدنيا (١)،

قال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ


(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم": (٢/ ٣١٤ - ٣١٥): "فمن دعاه موقنًا أنه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه أجابه، وقد يكون مشركًا وفاسقًا، فإنه سبحانه هو القائل: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ} [يونس: ١٢] وهو القائل سبحانه: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا} [الإسراء: ١٢] وهو القائل سبحانه: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٠) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ} [الأنعام: ٤٠ - ٤١]. =