للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: ٦٢] (١).

ومنها: ما يحكيه بعض المتدينين عن أنفسهم: أن أحدَهم إذا فعل خيرًا وجد أثر ذلك في تيسير الخير له في دينه ودنياه، وإذا فعل سوءًا أحسَّ بأثر ذلك من تغيُّر حاله في دينه ودنياه.

وكثيرًا ما تنال أحدهم العقوبة، فيعرف [أنها] بذنبِ كذا لمناسبتها له. كان ابن سيرين ــ أحد أئمة التابعين ــ يتَّجِر وهو مع ذلك محتاط في تجارته، فاتفق أن عَرَض له ما أوقعه في خسارة تجارته، وأدى الأمر إلى أن رفعه خصومُه إلى القاضي فحبسه، فقال: إني لأعرف الذنب الذي عوقبت به، فقيل له: وما هو؟ قال: قلت يومًا لرجل: يا مفلس (٢)!


= ولكن هؤلاء الذين يُستجاب لهم ــ لإقرارهم بربوبيته وأنه يجيب دعاء المضطر إذا دعاه ــ إذا لم يكونوا مخلصين له الدين في عبادته ولا مطيعين له ولرسوله، كان ما يعطيهم بدعائهم متاعًا في الحياة الدنيا وما لهم في الآخرة من خلاق ... وقد دعا الخليل عليه الصلاة والسلام بالرزق لأهل الإيمان فقال: {وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} فقال الله تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٢٦)} [البقرة: ١٢٦].
فليس كل من متعه الله برزق ونَصْر، إما إجابة لدعائه، وإما بدون ذلك يكون ممن يحبه الله ويواليه، بل هو سبحانه يرزق المؤمن والكافر والبر والفاجر، وقد يجيب دعاءهم ويعطيهم سُؤلهم في الدنيا، ومالهم في الآخرة من خَلاق" اهـ.
(١) ذكر المؤلف أول الآية {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ ... } وترك سطرًا لإكمالها.
(٢) بنحوها في "الحلية": (٢/ ٢٧١)، و"تاريخ دمشق": (٤٣/ ٥٤٦).