للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عنده الاختصاص قطعا؛ لأن النكرة المتقدمة على الخبر الفعلي لا بد أن تكون دالة على الاختصاص، وإلا لم يصلح وقوعها مبتدأ، هكذا قال السكاكي، وعليه مناقشات طويلة لا غناء في متابعتها.

وهذا كله إذا كان الخبر فعليا كما قلنا، أما إذا كان اسم فاعل وشبهه مثل محمد كاتب: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} ، فقد ذهب البعض إلى أنه مثل الخبر الفعلي، وذهب البعض إلى أنه ليس كذلك.

والذي نراه أن السياق ذو أثر فاعل في تحديد هذه الدلالات، وكان الزمخشري رحمه الله يقضي في هذا الأسلوب وفق السياق، فمرة يرى فيه الاختصاص كما في قوله تعالى حكاية لمقالة قوم شعيب له عليه السلام: {وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} ١، قال الزمخشري: أي لا تعز علينا، ولا تكرم حتى نكرمك من القتل، ونرفعك عن الرجم، وإنما يعز علينا رهطك؛ لأنهم أهل ديننا لم يختاروك علينا، ولم يتبعوك دوننا، وقد دل إيلاء ضميره حرف النفي على أن الكلام واقع في الفاعل لا في الفعل كأنه قيل: وما أنت علينا بعزيز بل رهطك هم الأعزة علينا، ولذلك قال في جوابهم: أرهطي أعز عليكم من الله، ولو قيل: وما عززت علينا لم يصح هذا الجواب.

وهذا واضح في أنه يقول بإفادة هذا التركيب لمعنى الاختصاص.

ويقول في قوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} ٢، "هو بمنزلة قولهم: هم يفرشون اللبد كل طمرة في دلالته على قوة أمرهم، فيما أسند إليهم لا على الاختصاص".

الآية عند المعتزلة لا تفيد اختصاص الكافرين بعدم الخروج من النار أي بالخلود فيها؛ لأن مرتكب الكبيرة المسلم عندهم يخلد أيضا في النار.


١ هود: ٩١.
٢ البقرة: ١٦٧.

<<  <   >  >>