القلوب التي في الصدور، وقد هيأ النفس لتلقي هذا المعنى الجليل الذي يفسر موقف العقول المنكرة من الأدلة البينة.
ومنه قول أبي خراش الهذلي في أبياته التي ذكر فيها عروة أخاه وخراش ابنه، وكانا قد أسر فقتل عروة ونجا خراش قال:"من الطويل"
حمدت إلهي بعد عروة إذ نجا ... خراش وبعض الشر أهون من بعض
فوالله ما أنسى قتيلا رزيته ... بجانب قوسي ما مشيت على الأرض
على أنها تعفو الكلوم وإنما ... نوكل بالأدنى وإن جل ما يمضي
قال على أنها فذكر ضمير القصة، وهيأ به النفس لتلقي هذا المعنى الغريب الذي يشير إلى أن الآلام مهما كانت قاسية، فإنها لا تستعصي على الأيام التي تبتلعها وتطويها، ويشير أيضا إلى أن الإنسان مستهدف للأحداث، وأن تعاقبها يجعل المرء في شغل بالثانية عن الأولى، وكان هذا المعنى غريبا؛ لأنه استدرك به على قوله قبله: فوالله ما أنسى قتيلا، وقد ألم الأحوص بهذا المعنى في قوله:"من البسيط"
إن القديم وإن جلت رزيته ... ينضو فينسى ويبقى الحادث الأنف
قال المرزوقي: وأبلغ مما قاله قول الآخر: "من الطويل"
فلم تنسني أوفى المصيبات بعده ... ولكن نكء القرح بالقرح أوجع
ومنه قول أبي تمام:"من الطويل"
على أنها الأيام قد صرن كلها ... عجائب حتى ليس فيها عجائب
فالضمير في قوله: أنها ضمير القصة، والجملة المفسرة كما ترى ذات معنى جليل، فقد تكاثرت العجائب حتى ألفت، وفقدت ما به تكون عجيبة، فليس فيها عجائب.
ومن الصور التي يفسر فيها الضمير بمتأخر عنه قولهم: نعم رجلًا زيد إذا