للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ١، فإنما قدم المسند -شاخصة- ولم يقل: فإذا هي أبصار الذين كفروا شاخصة؛ لأنه إذا قدم الخبر أفاد أن الأبصار مختصة بالشخوص من بين سائر صفاتها من كونها حائرة، أو مطموسة أو مزورة إلى غير ذلك من صفات العذاب أي ليست إلا شاخصة، ولو قال: واقترب الوعد الحق، فشخصت أبصارهم لما أفاد شيئا من هذه الصورة.

وقوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} ٢، أي أن دينكم مقصور عليكم، وديني مقصور علي، أي إذا لم تتبعوني فدعوني كفافا، ولا تدعوني إلى الشرك كما قال الزمخشري:

وقوله تعالى: {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} ٣، أي أن الله تعالى مختص بصيرورة

الأمور إليه دون غيره، وقوله تعالى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} ٤، وقوله تعالى: {لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ} ٥، فهذه الظروف لا وجه لتقديمها على عاملها إلا ما ذكر من الاختصاص، أي ليس إيابهم، ومرجعهم إلا إلينا وليس حسابهم على أحد إلا علينا، وليس الملك لأحد إلا لله.

أما قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ٦، وقوله تعالى: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ، إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ} ٧، وقوله تعالى: {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ} ٨، وقوله تعالى: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} ٩، فقد ذهب ابن الأثير إلى التقديم فيها لمراعاة الحسن في نظم الكلام؛ وتابعه في ذلك العلامة العلوي، فالتقديم في إلى ربها ناظرة ليطابق رءوس الآي: {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ، وَتَذَرُونَ


١ الأنبياء: ٩٧.
٢ الكافرون: ٦.
٣ الشورى: ٥٣.
٤ الغاشية: ٢٥، ٢٦.
٥ التغابن: ١.
٦ القيامة: ٢٢، ٢٣.
٧ القيامة: ٢٩، ٣٠.
٨ القيامة: ١٢.
٩ هود: ٨٨.

<<  <   >  >>