تجد الآيات الأولى تصف مراحل التكوين، وتبرز قدرة الله سبحانه من خلال هذا الوصف، ثم تقرب هذه الحقيقة بصورة محسوسة:{وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} ، وحين نتأمل المثل نجده يومئ إيماءه قريبة إلى حالة التناسل التي وصفتها الجمل السابقة، فالأرض هامدة مسترخية، فإذا أنزل عليها الماء اهتزت، وصار فيها جنين النبت، ثم تربو به كما تربو المرأة وتثقل بحملها، وبعد هذه اللمحة الدقيقة تأتي الجمل التي كأنها المقاصد الأساسية لهذا للفت الكاشف إلى آيات الله، وهذه المقاصد ترد هكذا، ذلك بأن الله هو الحق -وأنه يحيي الموتى- وأنه على كل شيء قدير -وأن الساعة آتية لا ريب فيها- وأن الله يبعث من في القبور.
وهي كما ترى تتضمن أوصلا هامة في الشرائع كلها:
فقوله: بأن الله هو الحق، هو ما جاهد الأنبياء في كفاحهم الطويل من أجل تعميقه في الوجدان الإنساني، وقوله: وأنه يحيي الموتى، يشير إلى فاعلية الحق سبحانه فيما هو معجز، وتحته الوعد والوعيد، وقوله: وأنه على كل شيء قدير، يشير إلى عموم هذه الفاعلية في الممكنات كلها ما كان معجزا