للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحاصل في ذلك أن كثرة صدق رؤيا المؤمن من علامات الساعة.

ثانيًا: قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث: «لم تكد تكذب» وفي لفظ «لا تكاد تكذب» كاد أي: قرب.

وفيه إشارة إلى غلبة الصدق على الرؤيا، وإن أمكن أن شيئًا منها لا يصدق، والراجح أن المراد نفي الكذب عنها أصلاً؛ لأن حرف النفي الداخل على كاد ينفي قرب حصوله والنافي لقرب حصول الشيء أدل على نفيه نفسه (١).

ويدل على ذلك قوله تعالى: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} [النور: ٤٠].

ويوضح ذلك ابن أبي جمرة رحمه الله بأن عدم كذبها أنها تقع بينة واضحة لا تحتاج إلى تعبير فلا إشكال لأحد فيها ولا كذب، فيصدق عليها أنها لا كذب بخلاف ما قبلها فقد تحتاج إلى تعبير، وقد يخطئ المعبر في فهمها فيصدق لغة أن يقال كذبت رؤيا فلان وإن كانت في نفسها حقًا (٢).

ثالثًا: ما الحكمة في اختصاص ذلك بآخر الزمان؟

يقول ابن أبي جمرة رحمه الله، (والحكمة في تخصيص ذلك بآخر الزمان أن المؤمن في ذلك الوقت يكون غريبًا كما في الحديث «بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا» فيقل أنيس المؤمن ومعينه في ذلك الوقت فيكرم بالرؤيا الصادقة) (٣).

وقال القرطبي رحمه الله: (فكان أهل هذا الزمان أحسن هذه الأمة حالاً بعد الصدر الأول وأصدقهم أقوالاً فكانت رؤياهم لا تكذب) (٤).


(١) انظر: فتح الباري (١٢/ ٤٠٦).
(٢) بهجة النفوس (٤/ ٢٤٧، ٢٤٨).
(٣) بهجة النفوس (٤/ ٢٤٩) والحديث أخرجه مسلم في صحيحه "كتاب الإيمان" (٦٥) باب "بيان أن الإسلام بدأ غريبًا وسعود غريبًا" (١/ ١٣١) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(٤) فتح الباري (١٢/ ٤٠٦).

<<  <   >  >>