للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسواس، والتقوى بواسطة ملك، وهو إلهام وحي، هذا أمر بالفجور، وهذا أمر بالتقوى، والأمر لا بد أن يقترن به خبر.

وهذه الآية مما تدل على أنه يفرق بين إلهام الوحي والوسوسة، فالمأمور به إن كان تقوى الله فهو إلهام الوحي، وإن كان من الفجور فهو من وسوسة الشيطان.

إلى أن قال رحمه الله: لكن ليس لأحد أن يطلق القول على ما يقع في نفسه أنه وحي لا في اليقظة ولا في المنام إلا بدليل يدل على ذلك، فإن الوسواس غالب على الناس، والله أعلم (١).

ويقول أيضا رحمه الله في كتاب النبوات:

وقوله: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْيًا} [الشورى: ٥١] يتناول وحي الأنبياء وغيرهم كالمحدثين الملهمين كما في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «قد كان في الأمم قبلكم محدثون فإن يكن في أمتي أحد فعمر منهم».

وقال عبادة بن الصامت: رؤيا المؤمن كلام الرب عنده في منامه فهؤلاء المحدثون الملهمون المخاطبون يوحي إليهم هذا الحديث الذي هو لهم خطاب وإلهام وليسوا بأنبياء معصومين مصدقين في كل ما يقع لهم؛ فإنه قد يوسوس لهم الشيطان بأشياء لا تكون من إيحاء الرب بل من إيحاء الشيطان، وإنما يحصل الفرقان بما جاءت به الأنبياء؛ فهم الذين يفرقون بين وحي الرحمن ووحي الشيطان (٢).


(١) تفسير المعوذتين (ص٣٢، ٣٥) تحقيق: موفق عبد الله العوض، الطبعة الأولى، (١٤٠٧ هـ) دار طيبة الرياض.
(٢) النبوات: (٢٧٣).

<<  <   >  >>