للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى بعد ذكر إيحائه إلى الأنبياء: {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤]؛ فهذا تكليم خاص من وراء حجاب بلا واسطة.

القسم الثالث: التكليم بواسطة الرسول - صلى الله عليه وسلم -:

ودل على ذلك قوله تعالى: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ}، فهذا إيحاء الرسول الذي هو جبريل، وهذا غير الوحي الأول من الله الذي هو أحد أقسام التكليم العام.

وهذا القسم من أقسام الوحي أنواع كثيرة:

١ - أن يأتيه الملك في مثل صلصلة الجرس، وكان هذا النوع أشد الأنواع على الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيتلبس به الملك، حتى إن جبينه ليتفصد عرقًا في اليوم الشديد البرد، وحتى إن راحلته لتبرك به إلى الأرض إذا كان راكبها.

كما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن الحارث بن هشام سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: كيف يأتيك الوحي؟ قال: «أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشد علي، فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيعلمني فأعي ما يقول» (١).

٢ - أن يتمثل له الملك رجلاً يكلمه، فيخاطبه حتى يعي عنه ما يقول له، وفي هذه المرتبة كان يراه الصحابة أحيانًا، كما في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا عمر أتدري من السائل؟» قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» (٢) وكما تمثلت الملائكة لإبراهيم ولوط في صورة الآدميين، كما أخبر الله بذلك في غير موضع.


(١) صحيح البخاري كتاب بدء الوحي (١/ ١٣) وصحيح مسلم (٢٣٣٣).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان (٨).

<<  <   >  >>