رحمه الله بقوله: "وقد دل كتاب الله على أن اسم الوحي والكلام في كتاب الله فيها عموم وخصوص، فإذا كان أحدهما عاما اندرج فيه الآخر، كما اندرج الوحي في التكليم العام في هذه الآية؛ يعني قوله عز وجل:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ}[الشورى: ٥١].
واندرج التكليم في الوحي العام؛ حيث قال تعالى:{فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى}[طه: ١٣].
وأما التكليم الخاص الكامل فلا يدخل فيه الوحي الخاص الخفي الذي يشترك فيه الأنبياء وغيرهم.
كما أن الوحي المشترك الخاص لا يدخل فيه التكليم الخاص الكامل؛ كما قال تعالى لزكريا:{ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا}.
ثم قال تعالى:{فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ}[مريم: ١٠، ١١]؛ فالإيحاء ليس بتكليم ولا يناقض الكلام.
وقوله تعالى في الآية الأخرى:{أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا}[آل عمران: ٤١]: إن جعل معنى الاستثناء منقطعًا اتفق معنى التكليم في الآيتين، وإن جعل متصلاً كان التكليم مثل التكليم في سورة الشورى، وهو التكليم العام (١).
(١) رسالة لشيخ الإسلام حول كلام الله، مطبوعة ضمن مجموع الفتاوى (١٢/ ١٢٩، ٤٠٢، ٤٠٣).